07 ديسمبر، 2008

لا عجب تشيخوف ... فالزمن لم يتغير

"مسافر من الدرجة الأولى" قصة قصيرة لأنطوان تشيخوف، حاول من خلالها طرح مفهوم الشهرة، عبر مهندس ومغنية (بائعة هوى).
الاثنان لكل منهما سلوكه في الحياة ... وانجازاته، فالمهندس كان مميزاً بعمله عبرانشاءه العديد من الجسور والأبنية والمرفقات التي كان الدور المهم في بناء البنية التحتية زمن دولة"روسيا القيصرية" ... والتي كانت لينال وسام الاستحقاق القيصري آنذاك فيما المغنية"بائعة الهوى" فانجازاتها معروفة منذ الخليقة وحتى اليوم.
الكاتب تساءل عبر حديث المهندس الطويل في رحلة القطار عن مفهوم الشهرة، وعن السبب أن الشهرة تكون دوماً والترحيب في الأماكن العامة لصديقته المغنية كنتيجة لعملها في الغناء وبيع الهوى لكبار الساسة في الدولة القيصرية، فيما انجازاته التي بناها وفنى حياته في سبيل تحويلها لحقيقة تخدم الشعب والوطن لاتكاد تذكر على ألسن الناس وان ذكرت فهي على مضض وفي أكثر الأحيان لايعرف المجتمع من بناها وعمرها.
المحزن في الامر هو انه وبعد مرور أكثر من 100 عام على كتابة هذه القصة نجد أن التفاصيل والوقائع مازالت نفسها ولم تتغير ولكن في مجتمعاتنا العربية فقط، فالغرب تراه اليوم يكرم كل مبدع مهما كانت نوع إبداعه "هندسي .. علمي ..فني ..." ويلاحق أخباره ويسعى إلى استثمار أفكاره بما يخدم المصلحة العامة ... وتحديدا عبر وسائل الإعلام.
فيما نحن ... مازالت وسائل الإعلام لدينا تلاحق اخبار الفنانات والفنانين، وتراها باهتمام بالغ تبحث عن ا سباب مقتل الفنانة الفلانية، وعن أسباب طلاق الفنان الأخر و.. و... و... ،ناسية أو متناسية البحث الحقيقي عن أسباب اختفاء العشرات من العلماء العراقيين ضمن ظروف غامضة ... مختفياً معهم الكثير من الدراسات العلمية التي كانت ذا فائدة كبيرة للعالم بأسره وليس للامة العربية فقط.
ونسيت أيضاً ملاحقة أخبار كبار العقول العربية التي هاجرت "سبحان الله" أيضا تحت ظروف غامضة نحو الخارج .. ثم اختفت أخبارهم ان لن نقل انقطعت...
واقتصر عملها على نقل أخبار الموت اليومي في الدول العربية المحتلة وخلافات ساستها العقيمة ... وملاحقة أخبار النجوم والبحث في مشاكلهم وأسباب انفصالهم .. ومتى وقعوا في الحب ومع من ... وما أسباب تأخر صدور البوم فلان ، وغياب أبو عصام عن باب الحارة، .. ومن المسبب في تغييبه عن المسلسل ... ومن ومن ...
أمور كثيرة تدعوا الى الحزن ... لما وصل اليه حال ومفهوم المتابعة الاعلامية لدينا، وحزن أكبر على فقدانه المصداقية الحقيقية والمطلوبة في معالجة الكثير من الامور مع السعي خلف مواضيع وأمور لا تقدم ولاتأخر في حال المواطن العربي المتراجع باستمرار....
لا عجب تشيخوف ... فالزمن لم يتغير .. ولن يتغير ... مادامت عقولنا معجونة بالصمت.

مالك أبو خير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق