26 يوليو، 2009

خلها نظيفة مثل الفــل


مالك أبو خير


عندما تنظر إلى حجم الأوساخ والمهملات المنتشرة على جوانب شوارعنا، فإنك حتماً ستشعر بالأسى الكبير نظراً لما تحتويه هذه المهملات من قدرة على نشر الأمراض والأوبئة بين أفراد مجتمعنا، والذي يعاني أساساً من مشاكل صحية مزمنة ترتفع حدتها بين الحين والآخر.
ولكن ... ماذا لو فكرنا في تخفيف حدة هذا الانتشار السرطاني الممتدة ضمن شوارع مدينتا دمشق، وانطلقنا من إرادة ذاتية بوقف هذا الامتداد عبر الالتزام بما هو واجب وملزم بحق أنفسنا وأطفالنا، فبدلاً من رمي الأوساخ والمهملات عشوائياً ودونما أي إحساس بالمسؤولية على جوانب طرقاتنا وشوارعنا بأن نقوم بوضعها ضمن الأماكن المخصصة لها، أملاً في تحقيق أمان حقيقي لأنفسنا.
أمان ... بات مطلوباً في ظل الظروف والانتشار المرتفع للأمراض التي تواجهنا وتهدد استمرارية حياة الكثيرين من حولنا، وهذا الأمان لن يتحقق بوقوفنا صامتين أمام ما نشاهده من مناظر غير حضارية يرتكبها الغير بحق أنفسهم من جهة وبحق المجتمع وطبيعتنا من جهة أخرى، ولعل ابسط ما بالإمكان فعله حالياً هو الانضمام لأي دعوة من الدعوات التي تطالب بوقف هذا الامتداد العشوائي للأوساخ ضمن مجتمعنا وحارات مدننا وأزقتها، ومناصرة هذه الدعوات والعمل على تطبيق بنودها وأفكارها لكونها في النهاية لن تخدم احد سوانا ولن تصب إلا في مصلحتنا ومصلحة أجوائنا.
"خليها نظيفة متل الفل" دعوة لنظافة مدينة دمشق، عبر الالتزام برمي مهملاتنا ضمن الأماكن المخصصة لها ضمن خطة من قبل القائمين عليها لوضع حد لما تشهده هذه المدينة من اختناق كبير نظراً لانتشار الأوساخ والقذارة ضمن شوارعها وطرقاتها.
ويقود هذه الحملة عدد من الوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة كتلفزيون المشرق وإذاعة ارابيسك ومجلة الثرى الكترونية وموقع حكاية سورية وغيرهم من الوسائل الإعلامية، ضمن أمل ولو بسيط بتحقيق النظافة لشوارع مدينة لم تعرف الراحة من القذارة من سنين عديدة.

06 يوليو، 2009

يارا صبري للثرى ...شركات الإنتاج لا ترحب بالقضايا الاجتماعية الشائكة كقضية المرأة


مالك أبو خير


هموم المجتمع ومشكلاته وما يعانيه من تناقضات أهم ما يشغلها، وغياب صوت المرأة عن ساحة مجتمعنا واختبائه خلف عادات وتقاليد خطوط حمراء لطالما نادت بتجاوزها ومعالجتها بشكل أعمق مع المطالبة بتصحيحها. لعبت العديد من الأدوار التي نقلت من خلالها هموم المرأة من خلف كواليس مجتمعنا إلى ساحة الدراما وشخصياتها، مناديةً بإعادة النظر من جديد بمطالبها، ومحاولةً من خلال تأديتها للكثير من الشخصيات النسائية المهمشة إيصال رسالة للمشاهد والمتابع بأن هناك أنثى ضمن مجتمعنا يجب إعادة التفكير كثيراً بما تعانيه،

فإذا ما دققت في مسيرتها الفنية تجدها لا تقتصر على تقديم ادوار وتجسيد شخصيات فقط، بل تلاحظ أن هناك هماً أو قضية ما تسعى إلى إيصاله إلى الآخر وبطرق وأساليب مختلفة.
يارا صبري ... وفي أول مرة التقيتها عندما كانت تجلس في قاعة المحكمة مناصرةً ومطالبةً برد الاعتبار لروح فتاة قتلت بداعي الشرف، وبسكين أخيها الذي نسي أن الروح التي يزهقها بسكينه هي جزء من روحه التي تمزق جسدها، لاحظت كما لاحظ الجميع بأن هم المرأة وألمها هو هاجسها الوحيد.
الثرى التقتها وناقشت معها العديد من المحاور التي تخص وضع المرأة في الدراما السورية المتجددة مع كل موسم رمضاني وكان لنا الحوار التالي:


- برأيك هل التفاتة الدراما السورية لقضايا المرأة هو نتيجة وعي عام في المجتمع أم تقديرك أنه عائد لجهود أفراد؟

أعتقد أنه من المبكر الحديث عن وعي عام بما يخص قضايا المرأة مازالت الجهود فردية ونخبوية وإحدى هذه الجهود تتمثل بالميل نحو طرح المشكلات المتعلقة بهذا الموضوع في الدراما وبرأيي أنها جهود خجولة، لأن الحديث بعمق في هذه القضايا بحاجة إلى وعي وجرأه غير متاحة نتيجة رفض المجتمع للخوض بأمور مازال يعتبرها تشكل خصوصية محرمة كونه يحمل أعباء التقاليد على أكتافه.


هل تعتبرين تناول الدراما لقضية المرأة صحوة أم فورة يخشى بعدها العودة إلى سابق الحال خاصة وان الدراما السورية عموما تضع عينا على المضمون وعينا على المردود. بمعنى آخر. هل قضايا المرأة هي ميدان جديد للتكسب بالنسبة لشركات الإنتاج؟

ومن قال أن النصوص التي تحمل هكذا قضية أو قضية من قضايا المجتمع الشائكة مرحب بها من شركات الإنتاج؟!!
على العكس تماما فالمشكلة تكمن بخضوعنا لمتطلبات السوق ورأس المال إلا إذا تناول مسلسل ما إحدى هذه القضايا بشكل يرضي الجهة التي سيسوق لها هذا المسلسل أستثني بعض الأعمال التي أنتجها أصحابها غاضين النظر عن تسويقها مكتفين بعرضها على محطة واحدة أو اثنتين و الأمثلة هنا قليله جدا.
صحيح أن الأعمال في هذه السنة معظمها يتناول قضايا شائكه ولكن ليس لحظ المرأة فيها الا القليل وبحدود المسموح به وما نراه اليوم جرأة بالطرح برأيي لا يستحق كل هذه المعارك للحديث عنه فهناك ما هو أخطر وأعمق أي أن نصل إلى مرحلة نستطيع فيها التحدث عن مشكلة امرأة ما بكل تفاصيلها دون الرجوع إلى معايير التقاليد والعيب والحرام. أن تكون لنا الحرية بالتعبير عن عوالم هذه الإنسانة دون أن نميز بينها وبين الرجل على الأقل في جرأة الطرح بشكل حقيقي.

- هل تعتقدين أن الدراما السورية نجحت في خلق وعي لقضية المرأة وكيف ترين دور الدراما وسط بقية الوسائل الأخرى؟

الدراما من أهم الوسائل المؤثرة في مجتمعاتنا في ظل غياب الثقافات الأخرى ولكن اذا لم تتواجد تلك المساحة الحرة من التعبير فإنها ستكون مضيعة للجهد.
والمسألة تتعلق بالتراكمية أي أن تظل الدراما تقدم جرعات متكررة ولكن بخطوات ثابتة وأعتقد أن بعض الأعمال التي نفذت كان لها أثر ايجابي ولو بسيط ولكن هذا الأثر لم يكن بالقوة المرجوة، لأنه بالمقابل نرى أعمالا تكرس وجها آخر للمرأة وهي تناسب فكرة المجتمع المتأصلة عن هذا المخلوق الذي وجد برأيه لكي يكون في أدنى درجة من درجات الهرم.


- هناك من يقول أن لعب أدوار مناصرة قضايا المرأة في الدراما السورية بات تقليعة أو موضة، ما رأيك وكيف يمكن للفنان أن يدعم انخراطه في دور ما بدور اجتماعي حقيقي؟..
وأنت كـ يارة صبري ماذا فعلت ؟


أنا أصلا لا أرى أن أعمالنا تزخر بهذه الأدوار هناك بعض الأعمال القليلة ومع ذلك أرى أنه هناك من يتصدى لتلك الأدوار عن قناعة وهناك من يقوم بها لأنه أعجب بالدور دراميا أو شكلانيا ولا أنكر أن موضوع الموضة أو التقليعة كما أسميتها له دور في بعض الأحيان ولكن ليس دائما، لا يجب أن نعمم.


أنا أؤمن بالمبادرات الايجابية في الحياة بشكل عام وأصبح هذا الأمر يشغل بالي منذ فترة وفكرت فعلا بجدوى ما أقوم به في عملي فوصلت إلى قناعة بأن ما أقوم به هو فعلا يعبر عني ولكن هناك شيء ما ينقصني حتى أشعر بالرضا فبدأت أبحث عن طريقة للتفاعل بشكل حقيقي مع مجتمعي لا سيما أن هذا المجتمع عاطفي ويتأثر بنا كفنانين وأحيانا كثيرة كملهمين كل ما استطعت تحقيقه لم يلب طموحي بعد فهو لا يتعدى حضور ندوات ونشاطات تعنى بالمرأة والمجتمع ولكن وانطلاقا من فكرة المبادرة أنشأت موقعي الالكتروني الذي يهتم بشكل رئيسي بقضايا تناقش همومنا في هذا المجتمع وهذا أعتبره كبداية للدخول بشكل أكثر فاعلية في خدمة المجتمع من خلال المشاريع المخطط لها على نطاق أوسع كحملات توعية تتخطى الفضاء الالكتروني هذا بالإضافة إلى مشروع الكتابة التلفزيونية الذي يحمل أفكارا تصب في نفس المجال بالمشاركة مع إنسانة تحمل نفس الهم ولكن عندها الخبرة العملية في العمل الاجتماعي وهي ريما فليحان التي خاضت تجارب على أرض الواقع مما يجعل هذه التجربة بعيدة عن التنظير. هي محاولة أتمنى لها النجاح وان لم يتحقق فيكفينا أننا حاولنا ونحن محكومون بالأمل.


هل هناك أزمة نص بالنسبة لهذا النوع من الدراما؟ وما هو الممنوع أو المسكوت عنه حتى الساعة في النصوص الدرامية؟.


هناك أعمالا ناقشت مسائل مهمة ولكن كما قلت كانت خجولة بعض الشيء والأسباب كثيرة أولها الرقابة الاجتماعية والغريب بالأمر أننا إذا نظرنا إلى الأعمال التي كانت تنتج في السبعينات على سبيل المثال فإننا نرى هامشا اجتماعيا أوسع وأرحب بما لا يقاس ولكن وقتها كان المجتمع أكثر انفتاحا وأكثر تألقا وأكثر حراكاً.
لكن ومنذ بدأ البث الفضائي بدأنا باستيراد أفكارا أثرت على مجتمعنا بشكل سلبي مما أوصلنا الآن إلى حالة من الركود الفكري والثقافي أدت إلى رفض المواجهة وأقصد مواجهة أنفسنا كمجتمع وبالتالي توسيع مساحة الممنوع و العيب في كل مجالات الحياة وهذا ينطبق طبعا على الدراما بشكل مؤثر.


نشرت على مجلة الثرى:

04 يوليو، 2009

لينا شماميان لـ حكاية سورية: غياب الدعم جعلنا نتجه نحو البيوت الدمشقية القديمة والحدائق العامة للغناء


مالك أبو خير


عندما غنت لدمشق ... غنت لساحاتها وتراثها الحاضر دوماً في أذهان سكانها ، لتؤكد عبر ذلك ارتباطها بالماضي وعراقته المتواجد ضمن كلمات أغانيها المستمدة من التراث المنتشر بين ساحات دمشق وأزقتها القديمة، والتي كان لها انتشارها الواسع بين جمهور كبير احتل الشباب النسبة الأعظم منه.
الفنانة السورية لينا شماميان دخولها إلى عالم الفن كان مبكراً، حيث أقيمت لها أول حفلة غنائية في سن الخامسة من العمر، مما شكل لها خبرة كبيرة أهلتها لدخول المعهد العالي للموسيقى، بعد تخرجها من كلية الاقتصاد وحصولها على الجائزة الثانية في مهرجان الدول الفرانكفونية.
وقد كان اهتمامها بفن الغناء الكلاسيكي واضحا عبر أدائها للكثير من الألوان الموسيقية كفن الجاز، التي تجدها حاضرة في أي حفلة موسيقية يكون هذا الفن عنوانه، ضمن محاولة منها لدعم هذا الفن وإيصاله إلى اكبر شريحة من المستمعين.
وبمناسبة عيد الموسيقى أقامت عدد من الفرق الموسيقية حفلاً غنائياً تنوع بين موسيقى الجاز والراب في "بيت الكايد" بدمشق القديمة، حضره عدد كبير من جمهور الشباب وكانت الفنانة لينا شماميان ابرز الحاضرين حيث التقيناها وأجرينا معها الحوار التالي:

هل حضورك اليوم هو دعم لهكذا نوع من الموسيقى؟

من الطبيعي أن ادعم هذا النوع من الموسيقى لكونه اول ما تعلمناه وقدمناه في معهد الموسيقى، حيث شاركت في العديد من الاغاني من نوع الجاز، والتي احرص على الاستمرار في تقديمها لجمهوري ولمتابعين هذا الفن، كما انني اليوم سررت جداً بالوجوه الشابة التي تغني في هذه الحفلة وسررت اكثر لجمال الاداء الذي يقدمونه.


ما هو برأيك بحجم الجمهور الذي يتابع هذه الحفلات وهذا النوع من الموسيقى في سوريا؟

اذا ما ذهبت الى اي حفلة تقام في دمشق يتم بها عزف موسيقى الجاز أو الراب، بإمكانك ملاحظة الجمهور الكبير المتواجد فيها، وهذا لا يقتصر على دمشق وحدها بل يشمل اغلب المحافظات السورية، وهذه ملاحظة وجدتها في اغلب المناطق التي اقمت بها حفلاتي او تابعت مثل هذه الحفلات التي اقيمت في عدد من المحافظات السورية.

هل تلاحظين وجود تقصير في تقديم الدعم لمثل هذه الفرق من قبل الجهات المتخصصة في مجال الفن أو وسائل الاعلام؟

المشكلة لدينا تكمن في عدم وجود قنوات إعلامية متخصصة في المجال الغنائي، ومؤخراً حتى ظهرت الإذاعات الخاصة والتي استطاعت تقديم شيء جميل في المجال الغنائي، فوسائل الإعلام الرسمي بدءاً من الفضائية السورية والإذاعة السورية نجد ان اغلب اهتمامها يتجه نحو البرامج والنشرات الإخبارية اكثر من اي شيء اخر، وحتى عند ظهور قنوات متخصصة كانت الدراما صاحبة النصيب الاول عبر قناة "سورية دراما" وبالتالي برأيي نحن مازلنا بحاجة الى المزيد من الدعم اعلامياً.
فالدعم بالنسبة الينا غائب تماماً، فلا مسارح او أمكان متخصصة من الممكن تواجدها لدينا لاداء هذه الانواع من الموسيقى، الامر الذي اضطرنا الاعتماد على البيوت الشامية القديمة التي تبرع بها اصحابها للغناء بها او الحدائق لتقديم هذه اللوحات.

وماذا عن شركات الانتاج الفنية؟

من المؤكد ان شركات الانتاج الفنية لن تتجه للاستثمار بهكذا نوع من الموسيقى لكونها لا تحقق الربح المطلوب والسريع كما في الانواع التي يتم عرضها على الفضائيات الغنائية، فضلا الى مثل هكذا نوع من الموسيقى يحتاج الى شركات انتاج تتعامل معها بشكل أكاديمي معها وليس شكل تجاري كما يحدث الآن.

ما هو سبب غيابك عن الساحة الغنائية السورية هذه الفترة؟

الجواب وبصراحة ان الجهات الفنية أو لنقل " منظمي الحفلات " لا يوجهون دعوات للفنانين السوريين لذا فانك تجد ان معظم حفلاتي في الخارج وليس في سوريا، وحتى الحفلات التي اقوم بعرضها في سوريا انا من أقوم بتنظيمها بالتعاون مع أعضاء فرقتي وفريق عملي والتي تكون اغلبها في الحدائق كما سيحدث في حفلتي التي ستقام في الثاني من شهر تموز القادم في حديقة تشرين، وهنا اطرح الكثير من التساؤلات واشارات الاستفهام عن فقدان هذا الدعم الحقيقي لي وللعديد من الفنانين الناشئين الذين يقاسون الآمرين في سبيل تحقيق شيء ولو بسيط على الساحة الفنية السورية أو العربية.

نشرت في موقع حكاية سورية: