16 أغسطس، 2009

ورشة عمل للمنظمات غير الحكومية ..... حول كتابة التقرير الموازية عن حقوق الطفل

مالك أبو خير
عندما نتحدث عن الطفولة فإننا نتحدث عن عالم واسع لا بد من النظر والتمعن به جيداً، وهذا التمعن يجب أن ينتج عنه حقوق وواجبات من الأجدر المطالبة بها والعمل على تحقيقيها، وهذا التحقيق يجب أن يأخذ دوره الفعال على ارض الواقع من خلال معطيات ملموسة وواضحة يستفيد بها كل طفل ينتمي إلى حدود هذا الوطن، وتكون نتيجته التخلص من الكثير من السلبيات التي تعانيها طفولتنا، لا أن يكون هذا العمل من خلال شعارات وأقوال رنانة لا تأخذ طريقها إلى التنفيذ على الأرض.
وفي سبيل تحويل الأقوال إلى أفعال وتوجيه النقد لكل ما هو غير وصحيح أو غير مطبق على ارض الواقع في ما يخص أمور الطفولة في سوريا، انتهت في 12 من شهر آب الحالي ورشة العمل للمنظمات الغير حكومية والتي عقدت في كنيسة الصليب بدمشق تحت إشراف هيئة شؤون الأسرة ومنظمة اليونيسف وذلك بهدف مناقشة التقرير الصادر عن الحكومة السورية والموجه إلى منظمة اليونيسف بشأن تطبيق اتفاقية حقوق الطفل من قبل عدد من الجمعيات الأهلية الغير حكومية والوسائل الإعلامية، وتهدف هذه الورشة إلى تدريب الجمعيات المشاركة على كتابة الموازي عبر كشف الأخطاء أو المعلومات التي لا تحتوي الصحة في التقرير الحكومي والعمل صياغة تقريرها النهائي وتقديمه إلى منظمة اليونيسف، ومن الجمعيات المشاركة في هذه الورشة كانت جمعية نقطة حليب وجمعية حماية الأسرة و جمعية مورد وجمعية المبرة النسائية وجمعية حماية الطفل و جمعية حقوق الطفل الخيرية وغيرها من الجمعيات بالإضافة إلى مشاركة وسائل إعلامية تمثلت في موقع نساء سورية ومجلة الثرى.

وقد استمرت الورشة لمدة خمسة أيام تحت إشراف مدرب مختص من منظمة اليونيسف الدكتور محمد محمود المصري الذي حدد خلالها للمشاركين أهداف عمل الورشة وطرق نجاح العاملين بها من خلال عرض تفصيلي لاتفاقية حقوق الطفل والخلفية التاريخية له، مع شرح نقاط الضعف والقوة في هذه الاتفاقية مع رصد حقوق الطفل في سورية وأسلوب هذا الرصد، كما شرح المبادئ التي تقوم عليها عملية التشبيك وتنظيم الشبكات التي تساعد في كتابة هذا التقرير مستعرضاً بعد ذلك التقرير الحكومي بهدف وضع نقاط أولية للعمل بها من قبل الجمعيات المشاركة.

وقد كانت الملاحظات والنقاط التي وضعها المشاركون حول هذا التقرير الحكومي كثيرة، أهمها عدم صحة العديد من المعلومات الواردة ضمنه، ولدرجة اعتبره البعض مجرد عريضة طويلة من الإنشاء والكلام الفصيح الذي لا يحتوي اغلبه على أي تطبيق حقيقي وملموس على ارض الواقع في سورية، ومن النقاط التي ناقشها المشاركون كانت مثلاً كانت المواد التي تتعلق بالرعاية الصحية للأطفال والتي لم تلقى التطبيق الحقيقي كما هو ذكور بالتقرير كإنشاء مراكز للعناية بتغذية الطفل المبكر والتي سماها التقرير " عيادات الطفل السليم " والتي أكد اغلب المشاركين عدم وجودها في سوريا بالإضافة إلى المادة التي أكدت أهمية حق الطفل في عدم التميز والتي أكد التقرير بأن آراء الطفل تؤخذ في القضاء وهذا ما أكد المشاركون أيضاً على عدم صحته وغيرها من المواد التي تتعلق بالوصاية والتبني والتي وضعت إلى جانبها أسئلة تعجب واستفهام من قبل الجميع.

وحول مدى قدرة المشاركين في تقديم تقريرهم الموازي إلى منظمة اليونيسف أكد الدكتور محمد محمود المصري خبير التدريب الإقليمي المرشح من قبل اليونيسف والذي اشرف طوال أيامها على تدريب المشاركين وتزويدهم بالخبرات في تصريح للثرى بأنها تعتمد بالكامل على مدى جدية وإصرار الموجودين على تقديم ما لديهم وما هم يريدونه من خلال نقد كل ما ذكر في التقرير الحكومي والذي في النهاية يحقق مطالبهم ومطالب الأطفال السوريين بشكل عام معرباً تفاؤله بما وصل إليه المشاركون عبر هذه الورشة حيث يقول: ( إن التشكيلة الموجودة هي عبارة عن تشكيلة من تشكيلات المجتمع الأهلي ولكونها جديدة لا يمكننا الحكم على مباشرة إلا من خلال استعراض النقاط والمبادئ الأساسية التي انطلقوا منها في كتابة تقريرهم، وهذا ما نسعى نحن في هذه الورشة عبر تدريبنا لهم وتقديم الدعم والخبرة المتوفرة بين أيدينا في الوصول اليه، لكنني ومن خلال متابعتي للنقاشات الدائرة بين الجمعيات المشاركة والنقاط التي وضعوا أيدهم عليها للانطلاقة نحو صياغة تقريرهم النهائي فأنني أرى ان هذه الورشة ستستطيع ان تقدم ما جديد ومميز، فضلا الى اننا نطمح بزيادة عدد الجمعيات المشاركة في هذه الورشة واتساع نطاق عملها لتشمل اغلب المدن السورية مما يساعد على تقديم الصورة الصحيحة في التقرير الموازي ونقد الأخطاء الواردة في التقرير الحكومي بشكل منطقي وفعال يسهم في تقدم ورفع مستوى الرعاية في الطفولة في سورية).

وعن أهمية تمكين المجتمع الأهلي في سورية يجيب الدكتور " المصري " قائلاً: ( لابد من تمكين دور المجتمع الأهلي في سورية لكونها برأي ليست محطة وصول بل هي وسيلة سفر دائمة وبحاجة إلى تعميق في المفاهيم الحقوقية وتفعيل ما يمكن فعله من قبل الجمعيات عبر تفعيل دور الدفاع عن حقوق الطفل واكتساب المهارات في انجاز التقرير البديل والذي تم تجاوز قسم منه خلال هذه الورشة عبر محاولة كتابة مسودة ستستعمل من خلال اللجنة المتابعة التي انبثقت عبر هذه الورشة في سبل انجازه وإعطائه صورته النهائية).

ولحين كتابة التقرير البديل أو ما يسمى "بالتقرير الموازي للتقرير الحكومي" والذي يعترضه العديد من الصعوبات أهمها عدم توفر الإحصائيات وعدم تعاون العديد من الجهات الحكومية مع اللجنة المنبثقة من هذه الورشة، لا يبقى أن نقول سوى أن ما يفعل من اجل الطفولة وبحسب ما يسمع او يرى في العين المجردة ما زال يحتاج مسيرة طويلة من قبل الحكومة مع العمل على تفعيل العديد من القرارات التي تساهم في التخلص من السلبيات المنتشرة في عالم طفولتنا كموضوع التسرب المدرسي الذي نشاهده يتزايد رغم وجود قرارات حكومية تمنعه وتعاقب المتسبب به والذي حول العديد من الأطفال نحو مهن خطرة ومؤذية تساهم في انحرافهم وتشويه مستقبلهم.
نشرت في مجلة الثرى الكترونية.