26 ديسمبر، 2011

تجار يتلاعبون بلقمة الموطن... والحكومة تجلس في مقاعد الاحتياط

مالك أبو خير - مجلة الازمنة
"الوضع أصبح لا يطاق" جواب لابدّ لك من سماعه عند سؤالك لأيّ مواطن سوري من ذوي الدخل المحدود عن كيفية تأمين احتياجاته المنزلية التي باتت تتناقص كل يوم ويتم حذف العديد منها والاقتصار على الضروري فقط، ولمعرفة السبب ما عليك سوى النظر إلى أسعار السلع على رفوف المحلات التجارية لتلاحظ مباشرة ارتفاعها كل أسبوع بمقدار 5 إلى10% عن الأسبوع السابق وعند سؤالك عن السبب تختلف الإجابات بين عدم توفر السلع بالسوق أو ارتفاع سعر تكلفتها وغيرها من الأسباب التي لا تستطيع أن تقدم أيّ حل للمواطن المنهك وغير القادر على تأمين دخل إضافي يوازي هذه الزيادة.
ارتفاع الأسعار المتواصل في السوق السورية بدءا من الغذائية منها ووصولاً إلى التدفئة والوقود بات من أهم الأمور التي تزعج المواطن السوري وتضيف المزيد من الأعباء على كاهله المتعب أساساً نتيجة للظروف التي تمر بها البلاد حالياً.
استنزاف للجيوب:
أغلب المواطنين الذين التقيناهم كان الألم هو العامل المشترك فيما بينهم على ما يشاهدونه من تلاعب حقيقي بلقمة عيشهم وعدم تقدير لأصحاب الدخل المحدود الذين باتوا يعانون من حالة اختناق نتيجة للوضع الراهن.
"عبد الله مرشد" موظف حكومي يقول:" أقف عاجزاً أمام ما يحدث، فراتبي لم يعد يكفي لشراء جميع الاحتياجات المطلوبة في المنزل، ولا أستطيع في ظل الظرف الراهن تأمين عمل مسائي ليكون المساعد على هذا الارتفاع في الأسعار".
"رجاء خضور" موظفة في شركة خاصة تقول:" منذ أربعة أيام لم أستطع الحصول على أنبوبة غاز والسبب ارتفاع سعرها من قبل الموزعين إلى 1000 ليرة وعدم قدرتي على أخذ إجازة من عملي للذهاب والحصول عليها من مراكز التوزيع لكون زوجي متوفٍ وأنا المتكلفة بكل المصاريف وتأمين احتياجات المنزل".
" وسام. ع " صاحب محل للمواد الغذائية يقول:" منذ بداية الأزمة ونحن نقدم للزبون في كل أربعة أو خمسة أيام سعراً مختلفاً للسلع الموجودة لدينا ولدرجة وصل الارتفاع في بعض المواد إلى 75% وبالتالي قلَّت القدرة الشرائية لدى الكثير من زبائننا، حتى إنني كنت أمتنع عن الدين لدي لكنني سمحت به من جديد لكوني أعلم أن أغلب زبائني من ذوي الدخل المحدود العاجزين عن تأمين دخل يؤمن احتياجاتهم".

الحكومة.. هي من تتحمل المسؤولية:
تحكم التجار بالأسعار والتلاعب بها لتحقيق أكبر قدر من الأرباح هو السبب الرئيس للأزمة وليس العقوبات المفروضة على سورية لكون أغلب السلع المطروحة متوافرة ومن إنتاج محلي كما يقول "سامر الشربجي" الذي يجد أن السلع التي ارتفع سعرها هي من الإنتاج المحلي ومنها ما هو متواجد منذ فترة ضمن مستودعات التجار حيث يقول:" ما يقوم به التجار حالياً هو محاولة منهم لتعويض خسائر سابقة لهم على حساب لقمة المواطن والتلاعب بمصالحه، فكثير من السلع التي ارتفع سعرها موجودة ومكدسة ضمن مستودعاتهم منذ فترة طويلة، وقاموا برفع سعرها وطرحها ضمن الأسواق بحجة عدم استقرار سعر الدولار، لكنني اسأل هنا هل بات المواطن دوماً هو الذي يتحمل جشع التجار وسلوكهم غير المستقيم".
في حين يجد " ماجد. ح " أن الحكومة هي من تتحمل الجزء الأكبر مما يجري بسبب إهمالها حيث يقول:" كل ما يحدث حالياً تتحمل الحكومة مسؤوليته، فلا تموين ولا رقابة على الأسعار وتجار الجملة والمفرق باتوا يتلاعبون بالأسعار كما يشاؤون دون رقيب على تصرفاتهم، ولنأخذ سوق الهال بدمشق على سبيل المثال حيث أصبح التاجر يتحكم بالأسعار كما يريد حيث نلاحظ كل يوم زيادة خمس أو عشر ل.س على كل سلعة، وطبعاً الزيادة لصالح تاجر الجملة وليس الفلاح الذي بات متضرراً كما المواطن العادي، وعند سؤالك عن السبب يكون ارتفاع سعر المازوت وارتفاع تكلفة الشحن الجواب الأكثر انتشاراً، فيما الرقابة تقف صامتة دون أي كلام".

للموزعين.. رأي آخر:
"منذر سلوم" تاجر جملة يؤكد أن الارتفاع يعود إلى ارتفاع سعر الدولار وعدم استقراره حيث يقول:" لا يمكن لأي تاجر أن يبيع أي سلعة لديه دون العودة لسعر الدولار، لأنه في حال لم يقم بذلك سيتآكل رأس المال لديه وهنا لا أقول هذا للدفاع عن التاجر أو الموزع لكن بالمقابل لكل شخص حساباته وعلينا أن نؤمّن الربح لأنفسنا لكوننا تجاراً وهدفنا تحقيق الربح في النهاية".
فيما يجد "غسان. ح" وهو موزع جملة أن رفع سعر السلعة أمر طبيعي بهذه الظروف حيث يقول:" عندما يرتفع سعر الوقود ترتفع معه أغلب أسعار السلع فما بالك لو أن الوقود غير متوفر وأحياناً من الصعب إيجاده حيث إن أغلب الناقلات تقف بالساعات لتأمين احتياجاتها فمن الطبيعي أن ترتفع الأسعار وتحديداً عندما يصل سعر المازوت في بعض مراكز الوقود إلى 22 ل. س".

تجار الأزمات... سبب الأزمة:
توقف الاستيراد هو من أهم الأسباب التي يطرحها التجار كسبب في رفع أسعارهم نتيجة للعقوبات المفروضة ولمنع الاستيراد للكثير من المواد الأولية التي تدخل في صلب إنتاجهم.
الدكتور "رسلان خضور" في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق يجد أن لا علاقة بموضوع الاستيراد بما يحدث في السوق السورية حيث يقول:" لا يوجد قرار بمنع الاستيراد وإنما هناك إرباك نتيجة ما يتعلق بالمعاملات المصرفية مع المصرف التجاري بما يتعلق بفتح اعتماد وتحويل الأموال بالإضافة إلى زيادة السعر على شحن البضائع ما يساهم في رفع سعر السلع لكن بشكل بسيط وليس بالشكل التي يُطرح في السوق.
لكن هناك شريحة من التجار وللأسف التكوين الثقافي والمهني لديهم تقوم على استغلال الأزمات وتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح من خلال ممارسة نوع من الاحتكار، فمثلاً هنالك العديد من السلع الموجودة في السوق الآن يتحكم بسعرها تاجر واحد فقط يقوم برفع أسعارها رغم أنها موجودة ضمن مستودعاته منذ فترة بهدف تعويض خسائر سابقة ويضع ارتفاع سعر الدولار وعدم القدرة على الاستيراد حججاً لذلك.
فالأزمة الحاصلة اليوم برأيي هي من أشخاص أسميهم "مبدعو الأزمات" قامت باحتكار الأسواق وخلقت نوعاً من الفوضى بهدف تحقيق أكبر أرباح ممكنة وأعطيك مثالاً على ذلك: موزعو أسطوانات الغاز حيث تجدهم يكدسون الأسطوانات لديهم ويرفعون أسعارها بشكل جنوني يصل إلى حد 850 أو 1000 ليرة تقريباً بحجة عدم توفرها برغم أنها متوفرة في مراكز التوزيع بسعر 250 ليرة سورية، والمواطن أيضاً ساهم في تفعيل هذه الأزمة عبر إقباله على عملية التخزين للسلع وشرائه بكميات كبيرة ولأسباب عديدة منها الخوف من المجهول نتيجة للأحداث التي تمرّ بها البلاد أو خوفاً من انقطاع بعض السلع وعدم توفرها فيما بعد، وبالتالي فإن المواطنين بسلوكهم والتجار باحتكارهم هم من كان السبب بالأزمة".
وعن غياب دور الحكومة في فرض دور رقابي عما يجري في الأسواق السورية يجب:" في ظل الوضع الراهن يوجد وبدون شك تقصير من قبل الحكومة وإرباك كبير بالنسبة إليها في معرفة نشوء حدوث الأزمة والذي يعود برأيي إلى الأحداث الجارية في البلاد حالياً من واقع أمني ضاغط وضغط سياسي خارجي أثر عليها إلى حد ما في القيام بدورها في ردع هكذا أشخاص احتكروا السوق على مزاجهم، فلو أن وزارة التموين مارست دورها بشكل طبيعي ومنعت هذا الاحتكار لما وصل الارتفاع إلى هذا المستوى الجنوني".

ويبقى المواطن.. هو الأهم:
بين تجار الأزمات وغياب دور الحكومة في تأدية دورها الرقابي والحامي لمصلحة الفرد، يبقى المواطن هو الخاسر الأوحد لما يحدث، ويصبح تحت رحمة ارتفاع جنوني جعله يتنازل عن العديد من السلع الضرورية لديه والاقتصار على ما هو ضروري بل والضروري جداً، وكل ذلك في سبيل أن يحقق البعض الربح ولو على حساب أمن المواطن الغذائي.
فيما الأداء الحكومي الذي يجب أن يكون على أعلى مستوياته في ظل ما يحدث، نجده في غياب كبير وقد يصل إلى الشلل كما يصفه البعض حيث يقف عاجزاً عن ردع الكثير من التجار للتوقف عمّا يمارسونه من جشع يضرّ بأمن الوطن... والمواطن.

المشاريع الصغيرة والمتوسطة بين نقص الدعم الحكومي وضعف الأداء في الساحة الاقتصادية

مالك أبو خير - مجلة الازمنة

مشاريع توضع تحت بند العائلية أو الفردية، تتميز بصغر حجم رأس المال ومحدودية التكلفة ويكون الهدف من إنشائها تأمين فرص عمل لعدد محدود من العاملين وتعتبر الداعم للمشاريع الكبيرة بل والمغذي لها، إيجابياتها كثيرة على صحة الاقتصاد الوطني لما تؤمّنه من دعم حقيقي له ومن كافة الجوانب وتساعد رغم صغرها على تخفيض نسبة البطالة المرتفعة بين صفوف شبابنا السوري.

المشاريع الصغيرة والمتوسطة.. عند سؤالك عن وجودها ضمن الساحة السورية نجده ضعيفاً وخجولاً، رغم كل ما تحمله من مميزات ومؤشرات حقيقية تساهم في رفع مستوى البنية الاقتصادية السورية، وعند السؤال عن السبب تختلف الإجابات ما بين تحمّل الدولة السورية المسؤولية لعدم وجود قرارات حقيقية داعمة لها وتطبيق فعلي لهذه القرارات على أرض الواقع إن وجدت وليس مجرد كلام، وما بين جشع المشاريع الكبيرة وطمع أصحابها الذين يخشون أن تتحول هذه المشاريع الصغيرة إلى كبيرة تنافسهم مستقبلاً.

صعوبات... وعوائق مختلفة
عديدة هي الصعوبات والعقبات التي تقف في وجه نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة لدينا، وتحديداً تلك العقبات التي تواجه أصحابها في بداية مشوارهم والتي تكون كفيلة بتوقفها وتعرّضها للشلل التام.
" منير وهبي" صاحب إحدى المشاريع الصغيرة في ريف دمشق، حول ما يعيق عمله ومشروعه يقول:" لا يوجد أي دعم لمشاريعنا بل على العكس كل ما يواجهنا يساعد على تحجيم دورنا على الساحة الاقتصادية، وأبسط ما أتحدث عنه هو فواتير الكهرباء مثلاً التي تأتي في كل دورة لها بمقدار رواتب ثلاث أو أربع موظفين أحياناً لدي وعند السؤال عن السبب تكون الإجابة... أنت مشروع تجاري، دون نسيان مدفوعات "البلدية وضرائب المالية" وغيرها من العقبات التي تزيد من حجم أعبائنا لا تخففها.
"ماهر عيروط" يجد في نقص الدعم الحكومي لمثل هذه المشاريع هو أهم الأسباب حيث يقول:" لو أن الحكومة تريد تسهيل مثل هذه المشاريع لكانت قامت بذلك بكل بساطة، فمنذ بداية مشروعك أول ما تواجه به هو الروتين والبيروقراطية وتحديداً في الحصول على الموافقات المطلوبة لإنشاء المشروع، وحتى في مجال القروض من البنوك تجد أن الضمانات المطلوبة تفوق قدرة المؤسسين الشباب لهكذا مشاريع، فضلاً عن عدم وجود تسهيلات لمثل هذه القروض وارتفاع سعر الفائدة غير المتلائم مع ما يواجهنا من صعوبات.
في حين يرى "باسل كنعان" أن ارتفاع أسعار المواد الأولية وبالتالي عدم القدرة على المنافسة هو أهم ما يجده عائقاً في استمرار مشروعه حيث يقول:" في معظم الأحيان نفاجأ بارتفاع سعر المواد الأولية، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع في سعر المنتج وبشكل لا يمكننا منافسة منتجات مماثلة من إنتاج معامل كبيرة أخرى أو حتى مستورد مما يجعلنا نقع في عدم قدرة على التصريف وبالتالي تعرضنا لخسارة لا يتحملها أحد سوانا، ونحن أحياناً نكون غير قادرين على تأمين معاشات العاملين لدينا... فكيف بتحمل خسارة قاسية من هذا النوع.
السيد "موفق. م" مدير في مشروع صناعي يجد في ضعف توفر الكوادر الحقيقية في العمل أهم الأسباب لضعف أداء هكذا مشاريع حيث يقول:" أغلب الخبرات الحقيقية القادرة على تنمية مثل هذه المشروعات أصبحت خارج البلد نتيجة توفر فرص عمل لها بالخارج وبرواتب مغرية نحن هنا لا نستطيع تأمين ربع هذه الرواتب، وحتى الخبرات التي نقوم ببذل الجهد الكبير في تعليمها وتطويرها تجدها عند أول فرصة تتوفر لها في دول أخرى أو في مشاريع منافسة وبراتب أفضل تتجه نحوها فوراً، الأمر الذي يوقعنا بأزمات توفير البديل المناسب لهم وقد نقع بأزمة حقيقية في مجال سير العمل لحين تأمين هذا البديل.

البيروقراطية أولاً.. ونقص الخبرات ثانياً
د. أكرم الحوراني بكلية الاقتصاد بجامعة دمشق يرى أن مثل هذه المشاريع تعاني الكثير من الصعوبات ولأسباب عديدة أهمها البيروقراطية حيث يقول:" تعاني مثل هذه المشروعات الكثير من الصعوبات بدءاً من التعقيدات البيروقراطية والروتين التي تواجه أصحابها عند تأسيسهم لمشاريعهم الاستثمارية وبكافة أنواعها، وقد استطاعت الحكومة تلافي هذه العقبات في المستويات الإدارية العليا ولكن على أرض الواقع ولدى الجهات التنفيذية في المحافظات والبلديات والمدن الصناعية والجهات المسؤولة عن الخدمات مثل الطرقات والطاقة لا تزال تشهد بعض الإعاقات والتي قد تؤدي إلى إيقافها، حيث نأمل أن تتوافر جهة مسؤولة عن التنفيذ وأن تعطى الصلاحيات اللازمة لذلك.
وعن القروض المقدمة لهذه المشاريع يقول د. أكرم:" القروض المقدمة لهذه المشروعات تعتبر رافعة لرأس المال وتساعد على زيادة الربحية عن طريق توفير السيولة اللازمة لتمويل أعمالها، وبالنسبة للفوائد المطلوبة من هذه القروض تعتبر عادية ويمكن تحمّلها بسهولة لكن المشكلة تكمن برأيي في الضمانات التي يجب تقديمها من قبل أصحاب المشاريع للمصارف والتي تعتبر بالنسبة للأغلبية منهم صعبة التحقيق".
وعن العوائق التي تواجه القائمين عن هذه المشروعات يكمل د. أكرم:" هناك صعوبات تواجه القائمين على هذه المشاريع ولكن من وجهة نظري هم يتحملون السبب، كعدم قيامهم بإجراء جدوى اقتصادية وإنتاجية وتسويقية حقيقية من قبل مختصين قبل البدء بمشروعاتهم تساعدهم في رسم خطط حقيقية لهم وتمنع وقوعهم بالكثير من الأزمات لاحقاً، فضلاً عن عدم معرفة البعض بواقع السوق والطلب فيه، وإغفال البعض منهم على التوجه نحو التصدير واكتشاف الفرص الحقيقية لهم في الخارج".

العاملون في هذه المشاريع... حكاية أخرى
بقدر ما تؤمّن مثل هذه المشاريع من فرص عمل لقطاع كبير من جيل الشباب وحاضنة لإبداعاتهم إلا أنها مازالت غير قادرة حتى هذه اللحظة على تأمين الاستقرار الحقيقي لهم، والسبب يعود وبحسب آراء أغلب العاملين إلى أصحاب هذه المنشآت نفسها وذلك لعدم قدرتهم على تأمين الضمانات اللازمة لهم وعلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التي تعتبر هي الأخرى مقصرة في أداء واجبها تجاههم، فهنا سنتكلم عن آراء العاملين في هذه المشاريع لكونهم الصانعين الحقيقيين لها، فهم البنية الأساسية لتي تقوم على تطويرها من أصغر عامل حتى الحاصل على أعلى درجة علمية ضمنها.
"ماجد. م" موظف في إحدى المشاريع الصغيرة والمتوسطة، يجد أن عمله في هذا المشروع ليس بالقادر على تأمين مستقبله حيث يقول:" الراتب الذي أتقاضاه من المعمل لا يعتبر كافياً لتأمين احتياجاتي لكوني متزوجاً ولدي أطفال، ولذلك أضطر إلى القيام بعمل آخر بعد انتهاء الدوام، ولكن المشكلة لا تكمن في الراتب وإنما بحجم العمل الملقى على عاتقي والذي يعادل عمل موظفَين وليس موظفاً واحداً وذلك ضمن سياسة من صاحب المعمل للتخفيف من حجم المدفوعات والرواتب، فأنا لست ضد تخفيض حجم المدفوعات لكن ضد أن يتم استغلالنا نظرا لعدم توفر فرص عمل كافية في السوق السورية.
فقدان العمل بأي لحظة وعدم الاستقرار هو الذي يفقد الثقة لدى "محمد قبلان" في التوجه والعمل في المشاريع الخاصة حيث يقول:" نحن في أي لحظة معرضون للطرد من العمل.. لا ضمانات لدينا ولا عقود تضمن حقوقنا، فعندما تبدأ العمل توقع على عقد لبدء العمل معهم وطلب الاستقالة بنفس الوقت وذلك لكي تؤمن لهم التهرّب من الضمانات التي تطلب منهم لاحقاً، كما لا يجوز لك الاعتراض ولا يجوز المطالبة برفع الأجور وإذا حدث وطلبت فقد تيم إيقافك عن العمل وبدون الحصول على تعويض مناسب".
وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من وجهة نظر "رأفت. م" تتحمل المسؤولية في عدم ضمان حقوقهم لكونها لا تقوم بواجبها الحقيقي بملاحقة أصحاب هذه المشاريع وبشكل قانوني يجبرهم على تأمين حقوق العمال لديهم.
في حين يجد "ميلاد حنا" وهو مدير الحسابات في إحدى المشاريع أن السبب في عدم ضمان حقوق العمال يعود لعدم قدرة وجود ضمانات لاستمرار هذه المشاريع نفسها حيث يقول:" نحن منذ بداية المشروع الذي أعمل به يواجه القائمون عليه في كل يوم خطراً جديداً يهدد بقاءنا في السوق السورية، بدءاً من ارتفاع سعر المواد الأولية وحجم المدفوعات للبنوك والفوائد المتراكمة علينا فضلاً عن الضرائب والتأمينات وغير ذلك من الصعوبات التي تجعلنا في بعض الأحيان عاجزين عن صرف رواتب العاملين وتأخيرها إلى الخامس وأحياناً العاشر من كل شهر، فكيف يضمن المسؤولون حقوق عمّالهم إذا لم يضمنوا هم استمرارهم بمشروعهم".

بانتظار الإجابة.. دوماً
كثيرة هي الأسئلة التي من الممكن طرحها.. تجاه المسؤول الحقيقي عن توقف عجلة نمو هكذا مشاريع، ولعل الحكومة هي صاحبة القسم الأكبر من هذه التساؤلات والتي تعتبر المسؤول الأول والأخير عن عدم تقديم الدعم الحقيقي لها، فمعظم الدول التي نجدها الآن في الصفوف الأولى إنتاجياً واقتصاديا قدمت دعماً غير محدود لمثل هذه المشاريع.
وبانتظار الأجوبة... يبقى السؤال مطروحاً، وتبقى نزيف الهجرة وقلة فرص العمل وقلة هكذا مشاريع تساهم في بناء اقتصادنا حال وطننا واقتصادنا.

13 مارس، 2011

رسالة الى السيد رئيس الجمهورية بمناسبة يوم المراة








الأربعاء, 09 مارس/آذار 2011 12:59 الكاتب: ريما فليحان


سيادة رئيس الجمهورية العربية السورية، الدكتور بشار الأسد

بمناسبة الذَكرى المئويَة ليوم الثَامن من آذار، يوما عالميَاً للتَضامن مع النَساء في مسيرتهنَ من أجل المساواة وإلغاء جميع أشكال التَمييز ضدَهنَ في جميع المجالات، نتوجَه إلى سيادتكم بالتَحيَات الصَادقة، ونعلن لكم تقديرنا للموقف الدَاعم الَذي قدَمتموه لإيقاف مشروعي قانون الأحوال الشَخصيَة اللذين طرحا عام 2009، كما نقدَر لسيادتكم إصدار المرسوم رقم (1) لعام 2011 القاضي بتعديل قانون العقوبات، الذي ألغى إعفاء المغتصب من العقوبة ورفع من عقوبة مرتكبي ما يسمَى ب"جرائم الشرف".



ونتذكَر، في هذه المناسبة، ونحيَي أيضا، المسيرة الطَويلة الَتي قطعتها النَساء السَوريَات والتَضحيات الجسام الَتي بذلنها من أجل تعزيز مشاركتهنَ في الحياة العامة بمجالاتها كافة، ومن أجل الحصول على حقوق المواطنة، كاملة دون أيَ انتقاص.
وانطلاقا من قناعتنا بالدَور الَذي تلعبه الإرادة السَياسيَة في دعم مسيرة النَساء، نتوجَه إلى سيادتكم آملات وآملين في:
- إصدار قانون أسرة وطني، تخضع له الأسر السوريَة بعيدا عن انتماءاتها الطَائفيَة، يكرَس الوحدة الوطنيَة، ويحقَق المساواة التَامة في الحقوق والواجبات بين الرَجل والمرأة، الشَريكين في بناء الأسرة ورعايتها، ويلغي جميع أشكال التَمييز ضدَ النَساء والأطفال في قوانين الأحوال الشَخصيَة النافذة؛
- تعديل المواد التَمييزيَة في قانون الجنسيَة بما يمكَن المرأة السَوريَة، المتزوَجة من غير سوري، من منح جنسيَتها لأفراد عائلتها، وتعديل المواد التَمييزيَة، جميعها، في قانون العقوبات؛
- إصدار قانون للحماية من العنف الأسري الَذي يهدَد أمان الأسرة واستقرارها، ويجعل، بخاصة، سلامة النَساء والأطفال وأمنهم عرضة للمخاطر؛
- إصدار قانون جديد للجمعيَات، يسمح لها بحريَة التَسجيل والعمل مع اعتماد معايير واضحة لرقابة الدَولة وظروف تدخَلها في شؤون الجمعيَات، ويرفع الحظر عن تأسيس الجمعيَات النَسوية، لتتمكَن هذه الجمعيَات من القيام بالدّور المطلوب منها في عمليَة التَنمية الوطنيَة المستدامة؛
- رفع التَحفظات عن اتَفاقيَة "إلغاء جميع أشكال التَمييز ضدَ المرأة" (سيداو)، بما يضمن تعديل جميع القوانين الوطنيَة لتتوافق مع مواد الاتَفاقيَة الَتي تنسجم مع مبادئ وأحكام الدَستور الوطني؛
- التَوجيه لمن يلزم بإدراج التَعهَدات الحكوميَة الواردة في الخطَة الخمسيَة العاشرة، فصل تمكين المرأة، الَتي لم تنفَذ، في الخطَة الخمسيَة الحادية عشرة.
إنَنا على قناعة تامَة بأنَ المرأة السَوريَة والمجتمع السَوري يستحقَان هذا التَغيير في أوضاع النَساء القانونية، وينتظرانها أيضا، وأنَ هذه الإجراءات كفيلة بأن تجعل من النَساء "نصفاً حقيقيَاً في المجتمع وليس وهميَاً"، الأمر الَذي أكَدتموه مرارا.
وتفضَلوا، سيادتكم، بقبول وافر الاحترام.



الموقَعون



الجمعيات:
- رابطة النساء السوريات
- راهبات الراعي الصالح
- جمعية المبادرة النسائية
- لجنة دعم قضايا المرأة



الشخصيات:


- السيدة سهير الاتاسي - إعلامية وناشطة حقوقية
- نبيل المالح مخرج وكاتب سينمائي
- ريما فليحان، كاتبة سيناريو
- فادي قوشقجي، كاتب
- يارا صبري، ممثلة
- يم مشهدي، كاتبة سيناريو
- ضحى الدبس، ممثلة
- نضال سيجري، ممثل ومخرج
- لينا الشواف، إعلامية
- نسرين طافش، ممثلة
- د.مية الرحبي، طبيبة وكاتبة وناشطة
- د.منى غانم، طبيبة وناشطة في قضايا المرأة
- د.نزار عيسى، طبيب
- د.أحمد الحسن، طبيب
- عدنان العودة، كاتب
- كاريس بشار، ممثلة
- نبيل صالح، كاتب وصحفي
- هند عبيدين، إعلامية وناشطة في قضايا المرأة وحوار الثقافات
- باسم ياخور، ممثل
- د.جورجيت عطية، باحثة
- د.رنا عطية، إعلامية
- غادة عطية
- فاديا أبو زيد، إعلامية
- عبد المسيح عطية، مهندس
- د.إياد صبيح، طبيب أسنان
- د.فؤاد محمد فؤاد، طبيب وشاعر
- سحر عبد الله
- ثائر علي ديب، مترجم
- رشا عمران، شاعرة
- منذر مصري، شاعر
- مي سكاف، ممثلة
- حسين الشيخ، شاعر وصحفي
- زياد عبد الله، كاتب
- أثير محمد علي، ناقدة
- مأمون الخطيب، مخرج
- حازم العظمة، شاعر
- فضيلة أسد الشامي، متطوعة في الصليب والهلال الأحمر الدوليين
- شادي أبو كرم
- علي ديوب، صحفي
- نينار حسن
- كميل نصر
- خالد بركة
- مازن درويش، إعلامي
- عمر إدلبي، شاعر، وصحفي
- عتاب حريب، فنانة تشكيلية
- إبراهيم العلوش، كاتب وروائي
- أيهم خير بيك، شاعر
- بيسان الشريف، مهندسة عمارة وسنوغراف
- سماء سليمان، عازفة بيانو وطبيبة أسنان
- علاء قويدر
- أنس زرزر، صحفي
- عدولة اسماعيل، مترجمة
- آلاء علي، طبيبة
- جورج صايغ، مهندس
- خطيب بدلة، كاتب
- ليلى عودات، محامية
- ريم الجابي، باحثة
- جلنار حاجو، كاتبة ورسامة للأطفال (دار الأصابع الذكية للنشر)
- واحة الراهب، ممثلة ومخرجة
- ناديا حلمي
- سامر عقيل
- باسلة أبو حمدان
- وداد كريدي
- حسين عيسى
- أيهم السهلي
- أصلان عبد الكريم
- نور الأتاسي، إعلامية
- يحيى الأوس
- فتاح عيسى
- مالك أبو خير إعلامي
- عبادة تقلا
- وسام جلاحج، محامي
- سحر الطويل، إعلامية
- منى أسعد، محامية
- يارا بدر
- أنور بدر، إعلامي
- ميشيل شماس، محامي
- عزة البحرة، ممثلة
- ثائر موسى، مخرج
- علا الخطيب، ممثلة
- سعد الغفري، ممثل
- نارين زلفو، فنانة تشكيلية
- يزن أتاسي كاتب سيناريو واعلامي
- كمالا العتمة، كاتبة
- يارا عساف
- سلطان القنطار، مدرس
- صباح القنطار، موظفة
- ضحى عبيد، مدرسة
- حسن الأطرش، مدرس
- سحر الأطرش، ربة منزل
- إقبال صياغة، معلمة
- ممدوح هلال، مهندس
- وجيه غانم، محامي
- كنان رزق، محام
- أيمن العقباني، تاجر
- ابتسام أبو سعد، محامية
- هديل أبو زيدان، موظفة
- ذهبية الجبر، محامية
- إنعام حسام الدين، ربة منزل
- سمر أبو لطيف، محامية
- نجاح عبد الباقي، معلمة
- حلا بربارة، محامية وناشطة في قضايا المرأة
- فراس جلاحج
- ياسر معلا
- سها عقيل
- فيروز عماري
- آني قانجيان
- ربا السعدي
- رشا طيرة
- أليسار الكعكة
- نور الحريري
- اسبرانس شاهين
- ريم ذوريق
- دعد موسى، محامية وناشطة في قضايا المرأة
- نورما إبراهيم
- ديمة الشاعر
- رانيا رائف متي
- تانيا رائف متي
- نوار البحرة
- سعدا جريج
- سعاد جروس، صحفية وكاتبة
- مها العلي، محامية

10 مارس، 2011

في عيدك يا فتاتي ... اقدم اعتذاري





من كل قلبي أقدم اعتذاري وأسفي على وقوفي عاجزاً أمامك كطائر يشاهد صغاره أسيرة دونما قدرة على تحريرها ومد يد العون لها ... من كل قلبي اعتذر لأنني لم استطع لأن امنح أولادك جنسية سوريةً لكون العشق من أجنبي لم يدخل إلى قائمة المسموحات لدينا ... من كل قلبي اعتذر فهذا عشق مازال ممنوعاً...

فتاتي ... بقدر ما أحببتك بقدر ما كنت عاجزاً طوال سنين عملي أن امنع قتلك ذبحاً أو شنقاً أو رمياً بالرصاص أو طعناً لكونك عشقت رجلاً لم يرق عائلتك أو كانت ورثة العائلة سبباً في ذلك... من أعماقي ابكي عندما أراك ترقصين إمتاعاً لرجال باعوا رجولتهم خارجاً قبل الدخول مرقصك لمشاهدة من كانوا سبباً في ضياع مستقبله وكرامته ... وبراءته...

فتاتي ... اعذريني عندما أقول لك أنني مازلت عاجزاً وأنني مازلت أقف صامتاً دونما حراك بسبب القدر... لكونه دوماً الشيء الوحيد الذي نستطيع أن نعلق عليه أخطائنا أو نجده مخرجاً لفشلنا وانهزامنا ... ليس السبب فيما أنت فيه لكوننا مازلنا نسير على طريق اسود لا نعرف نهايته بعد أو أننا مازلنا لم نتعرف بعد ما معنى حياة حرة حقيقية ...
اعتذر بأننا حتى يومنا هذا يعتبر سعيك نحو العلم والمعرفة سبباً لقتلك في بعض المناطق ... واعتذر أن المجتمع مازال ينظر إليك بأنك قاصر لا بد من السيطرة عليه وأسره ضمن جدران ضيقة جداً.

فتاتي ... كم تمنيت أن أصفق لك وأنت تقدمين فناً راقياً يخلده التاريخ ... لا أن أراك عارية تستعرضين جسدك على أنغام سقطت منذ خروجها من أوتارها ... وكم تمنيت تحصلين على عمل دون أن يكون جسدك وسيلة للحصول عليه ...
فتاتي ... مجدداً ... أعود واعتذر عن هجرتي في سبيل تأمين مستقبلي .... وانتظارك الطويل لي لحين عودتي التي لم يأتي دورها بعد ... فهناك الكثيرون قبلي من ينتظرون ... وما عليك سوى الانتظار مثلي ومثلهم ...

فتاتي ... لا تعتبي عن كل من رجموك حينما ارتكبت خطأً ما... متناسين أخطائهم ... أو أنهم شاركوا في خطأك بشكل أو بأخر ومن ثم اجتمعوا عليك ورجموك وضربوك وقتلوك ... ولا تحزني عندما تشنقين في الساحة علناً والكاميرات تصورك والناس يرقصون فرحاً لقتل الكافرة التي رفضت أن تتبع شيخاً معتوهاً أو عالماً دينياً أعلن أنه يراسل الله بطرقته الخاصة....

اعتذر ... واعتذر ... فالعاجز ليس أمامه سوى أن يعتذر ويختبئ خلف عجزه وارتباكه وضعفه ... بكل أسف لا أستطيع في عيدك يا فتاتي أن أقدم الورود ... لا أستطيع أن أقدم لك سوى .... اعتذاري ...

22 فبراير، 2011

العنوسة وضيق الخيارات ... مدينة السويداء كنموذج










يعتبر الاغتراب والهجرة إلى بلاد الله الواسعة الحل الوحيد لدى شريحة واسعة من أبناء هذا الوطن، ولعل فئة الشباب في مدينة السويداء هي صاحبة الحصة الأكبر من هذا النزيف الحاد الحاصل والناتج عن قلة وندرة فرص العمل الحقيقية التي تؤمن الحياة المادية المستقرة، ومما لاشك به أن نتائج الغربة سلبياتها أكثر من ايجابياتها لكل الظروف دوماً هي من تتحكم بالفرد، وقد لا نستطيع الدخول في شرح التفاصيل التي أدت لهذه النتيجة لكننا نستطيع الحديث عن جانب مهم من نتائجها والذي يعتبر من أهم نتائجها السلبية.فعندما يختل التوازن في أي معادلة اجتماعية فإننا نتحدث عن سلبيات تنخر المجتمع وتعرقل من تقدمه، ولعل أهمها تلك التي تتعلق بشريحة من النساء والذين يطلق عليهم تسمية بالعامية " العوانس" ولعل كلمات وتسميات كثيرة تحمل طابع إنساني أفضل بكثير من هذه التسمية، والتي باتت تعبر لدى الشريحة الغير مثقفة أو التي لا تحمل وعياً اجتماعياً حقيقياً تعتبر تهمة أو شتيمة لصاحبة هذه التسمية، والتي باتت منتشرةً في مدينة السويداء نتيجة للهجرة القاتلة لشبابها نحو الخارج من جهة وضيق الأوضاع الاقتصادية للمقيمين بها من جهة أخرى.
العنوسة ... والخيارات المحدودة:


" منال" شابة في السابعة والثلاثين من العمر من القرى المحيطة بمدينة السويداء وهي خريجة علم اقتصاد، و لا تحب أن يطلق عليها تسمية "عانس" لكونها لم تختار هذه التسمية من تلقاء نفسها وإنما كانت نتيجة لظروف أجبرتها على أن تبعد عن طريق الزواج، لكنها في المقابل تشعر أنها غير مرغوب بها من قبل مجتمع لا يرحم ويرى دوماً من" منظار أعوج واسود" لكل من فاتهم قطار الزواج وكأن ذلك تهمة لهم أو خطأ فادح يلامون عليه.وعن وضعها تقول منال:" تأخري في الزواج يعود لعوامل اجتماعية عديدة ولعل الظرف الاقتصادي الذي مرت به عائلتي كان الأهم، لكنني في المقابل وبرغم تقدمي في العمر لن اتخذ قرار الزواج لمجرد الزواج، فإن لم أجد الشريك المناسب الذي يلبي طموحاتي ويستحق أن أطلق عليه " شريك حياة فعلي " فإنني لن أتزوج أبداً.في حين أن الظروف بالنسبة لـ"هبة" لم تسمح لها حرية الاختيار الصحيح وبخاصة بعد وصولها إلى أبواب الأربعين ضمن منزل يعتبرها " عبئاً مالياً "، وبالتالي كان لابد من القبول بأي رجل يتقدم لها دون البحث بصفاته أو بمدى التوافق فيما بينهما حيث تقول في هذه الناحية:" الخيارات بالنسبة لي محدودة جداً وبخاصة أن المنزل الذي يجب عليه أن يقف لجانبي هو الذي يرفض وجودي ولأسباب عديدة أهمها العامل الاقتصادي والذي لا أتحمل مسؤوليته وأنا الخريجة علم اجتماع وبامتياز ولم أجد العمل المناسب الذي يؤمن لي الدخل الذي يكفيني والاستقلال مادياً، وبالتالي كان القبول بأي زوج يتقدم لي رغم أنه مطلق ولديه ثلاث أولاد ويعمل في تصليح السيارات، وهنا أنا لا أعيب عمله بقدر ما أتحدث عن الفارق في التفكير والوعي بيننا، والذي أتحمل أنا وحدي ما ينتج عنه".
عندما تصبح الخيارات ... أضيق:

ماذا تفعل عندما تصبح الخيارات أمامك ضيقة إن لم أقل معدومة، فمن المؤكد أنك ستبحث بكل ما تستطيع من قوة على بديل، لكن ماذا لو انعدمت هذه البدائل ... الوضع هنا صعب ومعقد." ريما ".... لقد باتت الروتين والملل قاتلي اليومي ... كلمات بدأت بها بالحديث عن وضعها حيث تقول:" بلغت السابعة والثلاثين من العمر وما زال الانتظار هو سيد الموقف بالنسبة، والانتظار ليس الزواج فحسب وإنما انتظار شيء ينهي حالة الجمود التي أصابت حياتي التي باتت مقتصرةً على الجلوس في المنزل والذهاب واستقبال الزيارات، أي بمعنى أخر فراغ يقتل أي فرد ويصيبه (بالعقم النفسي)، فأنا لا اعتبر الزواج هو الحل بالنسبة إلي بقدر ما أريد أن يكون لي كيان خاص كانسان مثل وجود عمل يملئ حياتي أو أي مشروع فكري أو ثقافي ... باختصار إنني أجد حياتي روتين يقيد ذاتي". وعن هذه النقطة تقول " علا ": لقد بلغت الأربعين من العمر ومازالت حياتي عبارة عن فراغ يومي قاتل، وما يقيدني ليس عدم الزواج بقدر ما هي قيود المجتمع التي ترى أن عمل المرأة وسعيها في تأمين مشروع مالي أو فكري خاص بها أو حتى وظيفية تؤمن دخل مادي يخفف من أعبائي المالية عن أسرتي من الممنوعات، وخاصة في أجواء القرى في المحافظة التي تحجم سلطة المرأة على نفسها وتحدها، وهنا أجد أننا بحاجة إلى سعي حقيقي لاحتواء هذه الظاهرة بطرق مختلفة أهمها العمل على دعم مشاريع نسائية تساهم في دعم عمل المرأة من جهة وتساهم في إيجاد مخرج لهذه الأزمة التي تعاني منها نسبة لا بأس منها من الفتيات في المحافظة واخص بالذكر هنا فتيات القرى النائية من جميع النواحي المادية منها والفكرية.

الحلول الاقتصادية ... هل باتت الحل:

الارتباط والزوج بالنسبة للكثير من الفتيات الذين قطعن سن الزواج ( من وجهة النظر الاجتماعية) وتحديداً ممن بلغ سن الأربعين وما فوق لم يعد هو المهم، بقدر ما هو التوجه نحو تحقيق الذات بالنسبة لهن وتأمين حياة مستقلة عن الواقع المفروض عليهن وتحديداً القيود المفروضة من قبل المحيط الاجتماعي، ولعل الاستقلال المادي هو ما يسعون إليه في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، من خلال تأمين فرص عمل أو وظيفة تؤمن لهم دخل جيد وهو اقل ما يطمحون إليه على اقل تقدير يشعرون من خلاله أنهم قادرون على الاستمرار وأن هناك شيء ما يعيشون من أجله، وهذا لا يأتي إلا من خلال تشجيع فرص العمل أو حتى المشاريع التي تخص المرأة.لكن كيف يتم تحقيق ذلك في محافظة تعاني من قلة المشاريع الاقتصادية بكافة أنواعها، والحصول على وظيفة حكومية يعتبر ضرباً من الخيال وحلماً يحتاج إلى ( واسطة بحجم السماء) فضلاً واعتماد اغلب الساكنين فيها على التحويلات المالية التي تأتي من شبابهم المهاجرين، فاغلب فرص العمل ولا نبالغ أن نقول أقصى ما هو موجود هو العمل ضمن محالات بيع الألبسة والمفروشات والمشرعات التجارية الصغيرة جداً، وهي أقصى ما هو موجود في محافظة من تتكدس الملايين في حسابات أبنائها في الخارج ولا نعرف حتى اليوم عدم استثمارها داخل محافظتهم يعود إلى خوف من الاستثمار أم لأسباب أخرى.... والله أعلم.

نشرت في مجلة الثرى

20 فبراير، 2011

برامج المحادثة على الهواتف الخلوية ... روادها مراهقون دون مراقبة


مالك أبو خير
من النادر أن تجد هاتفاً خلوياً لمراهق أو مراهقة لم يُحمل ببرامج المحادثة المنتشرة حالياً في أسواق الخلوي، فالجميع بات يعتبرها بالنسبة إليه من الضروريات للتعبير عن أرائهم والنقاش المفتوح مع من يريدون والنقاش بما يريدون، فهذا البرنامج الذي يتم استخدامه عبر شبكة الانترنت ومن خلال الجهاز الخلوي استطاع أن يحقق للكثيرين الخوض في ما يريدون وبأسهل الطرق، وعندما نقول الجميع هنا فإننا لا نبالغ لكون هذه الميزة باتت منتشرة إلى حد كبير وملحوظ، ولعل فئة الشباب كانت صاحبة الانتشار الأكبر وتحديداً ممن هم في سن المراهقة الذين يجب أن يكونوا تحت نظام مراقبة أسرية دقيقة إن لم نقل صارمة.
فلكل ميزة ايجابيتها وسيئاتها وعندما يكون الحديث عن هكذا نظام تفاعلي شبه مباشر تكون الأطراف المشاركة به من أعمار ذات ضج ووعي فكري واجتماعي فإننا نتحدث عن الايجابيات ونشجعها أما عندما تكون بين أيدي مراهقين في طور التكوين فإننا هنا نتحدث لا نتحدث عن السلبيات فقط وإنما نتحدث عن مدى أضرارها ومشاكلها على المشاركين في هذه المنظومة التفاعلية.
عندما تختفي المراقبة ... فالنتائج مؤلمة:
"لونا" فتاة في السابعة عشر من العمر تعاني مشاكل أسرية عديدة أهمها سوء التفاهم الدائم بينها وبين ذويها، والسبب يعود إلى أولاً للحالة الاقتصادية التي جعلت الأب يسافر لآخر بلاد الله لتحصيل لقمة العيش والثانية تعود للأم التي لم تتعلم أن تحاور أطفالها أو أن تخوض إلى أعماقهم مستخدمة لهجة العنف والقمع الكلامي عند أي حوار، والنتيجة أن الفتاة لم تجد من يحاورها أو يساعدها على فهم الحياة بشكل صحيح، هذا الفهم الذي لا يأتي إلا من خلال أشخاص ناضجة وضمائر حية تناقشها وتوصلها لبر الأمان، وبالتالي لم تجد بديلاً عن هذا سوى استخدام هذه البرامج للنقاش والحوار مع من يتوفر معها على الشبكة، وبعد بحث طويل ونقاش العديد من الفتيان والفتيات ظهر فجأة على خط التواصل "امرأة متدينة" والتي تعرف بالعامية " الشيخه " أو " آنسة دينية" كانت تمتلك من التمرس في اصطياد نقاط الضعف ما يكفي، ونقاط ضعف "لونا" كانت واضحة وملموسة بشكل علني أهمها الحاجة للحنان وسماعها وتقبل أرائها، وهذا ما فعلته هذه " الشيخه " واستطاعت أن تكون خلال مدة لم تتجاوز الأسبوع "بيت سر لونا" ليتحول النقاش إلى اتصال مباشر تم خلاله حقن "لونا" البسيطة فكرياً تجاه أهلها وقلب الحائق لديها من خلال إقناعها أن سبب أن سبب كره والدتها لها كونها قد جلبتها "عبر الزنا" وسبب بعد والدها عنها هو معرفة زنا والدتها وعدم قدرته على التحمل!!!.
النتيجة طبعاً كان تحول "لونا " للتعصب الديني الأعمى بتوجيه وإرشاد من معلمتها التي حرصت على لقائها وتوجيه النصائح لها وضمها إلى مجموعتها الدينية، وبالتالي ارتداء "لونا" للحجاب ومن ثم النقاب دون نسيان الفهم الأعمى والخاطئ للدين ودون نسيان ذكر نكران أهلها والنظر إليهم على أنهم ... " كفار وزانون ".
وهنا لا نهاجم الدين بقدر أن نسعى لنكون وسطيين في تناول الأمور ومناقشتها، فلو أن هذه " الشيخه " ساعدتها على فهم الحياة بشكل صحيح وكانت السبيل للوصول إلى صيغة متناغمة مع ذويها مع توجيهها نحو الدين بالشكل الصحيح البعيد عن التطرف ... لرفعنا لها راية الاحترام والتقدير، لكن مع هكذا نتيجة فالراية لدى " لونا " ستكون مختلفة، وهنا نجد أن مثل هذه البرامج قد لا يعطيها الكثيرون الاهتمام اللازم لها لكن من اعتاد اصطياد الفرص تعتبر بالنسبة إليه المجال الخصب لإعماله ونشاطاته، وقد يقول البعض أن مثل هذه البرامج التفاعلية متاحة عبر الانترنت كما هي على الأجهزة الخلوية، وبالتالي وجودها على عبر الهواتف لا يزيد أو ينقص من حجم الخطر الموجود أساساً عبر الانترنت، ليكون الجواب أن مثل هذه البرامج وعبر الهاتف الخلوي رفع نسبة المشاركين والمنتمين إلى هذا العالم الافتراضي من قبل المراهقين تحديداً وساعد سهولة حمل الهاتف وصغر حجمه على البقاء على تواصل تام واغلب أوقات اليوم، وبالتالي فرص اصطيادهم أصبحت أوسع وأسهل.
النتائج قد تصبح ... أكثر ألماً:
في حالة "لونا" من الممكن أن يتدخل أحد ما يمتلك من الوعي والإيمان الحقيقي بالله تعالى ويستطيع إنقاذها مما هي عليه، لكن ماذا لو كانت النتيجة أبشع، كأن تقع في شباك عصابة أو مجموعة للدعارة دون نسيان مدى قدرة أعضائها على جذب الفتيات البسيطات والساذجات وتوريطهن وتصويرهن في مشاهد خليعة ومن ثم ابتزازهن وإجبارهن على العمل بالدعارة، هذه الدعارة التي لم تستطع الإجراءات الحكومية المشددة في الفترة الأخيرة من الحد من انتشارها بين أزقة دمشق وبيوتها، أو لنقل ماذا حد لو أنها وقعت في شباك شاب استطاع أن يستغل نقاط ضعفها وحاجتها للحنان والشعور بذاتها وفعل ما يريد بها ثم رميها لمصير مختلف تماماً عما كانت عليه لتكبر حالة المعاناة وتتضخم لديها، وطبعاً لا نستطيع نسيان شبكات المخدرات والجماعات التي تطلق على نفسها حالياً اسم " الأيمو" أو " عبادة الشيطان " التي تعتبر هكذا برامج تفاعليه المسرح الأكبر لانتشارهم ونفوذهم.
أسئلة ... اعتقد أننا بحاجة إلى التفكير به والتعمق قبل الرد عليها، كون بتنا أمام عالم مفتوح على كل شيء دون أن نكون كأسرة وعائلات مستعدين له أساساً وخصوصاً من قبل الأسر التي لا تتابع المراهقين لديها بشكل دقيق وتحاول على الدوام أن تكون الصديق لهم والجسر نحو بر الأمان.

الحلول ... من يضعها:
من الطبيعي أن لا نتأمل أي حل من قبل شركات الاتصال الخلوي التي لا تعرف سوى سياسة الربح ورفع نسبة الأرباح في حساباتها، أما الحسابات الأخرى التي تتعلق بمصير جيل الشباب ومستقبلهم فهو ملغي من سياساتها وبالتالي عدم توجيه أي طلب أو التماس أي حل من قبلهم هو النتيجة المنطقية، لكننا نستطيع أن نقول للأسر التي يمتلك المراهقين لديهم مثل هذه البرامج أن يكونوا على علم بما يجري، وأن يلعبوا هم دور هذه البرامج معهم بدلاً من لعب دور المراقب أو المتفرج فقط.
وهنا نجد أن المجتمع هو يضع الحلول ويساعد على الوقوف بالمرصاد لضياع جيل كامل ... نعم جيل كامل بات متمزق بين الإعلام المرئي الذي يتحفنا كل يوم براقصة جديدة يطلق عليها فنانة وتصبح بين ليلة وضحاها قدوة للكثيرين منهم وعالم الكتروني مفتوح على كل شيء وعلى أي شيء ... موقف لابد منها لكوننا بحاجة لهذه الموقف في زمن بات الربح وتكديس الأموال سبباً لتخريب أي أمر من أجله.