15 مايو، 2009

أغتصب شقيقته ثم حاول إجهاضها ليداري الفضيحة

مالك أبو خير
هدى" اختارها القدر لترحل عن عالم طفولتها مبكراً ولتدخل عالم الأمومة من خلال احتضان أحشائها لجنين ُقتل منذ بدء تكوين ملامحه الأولى، حملتها عجلات الإسعاف في حالة من النزيف الحاد لمشفى المواساة بعد خروج أجزاء من الجنين من أحشائها في رفض لمتابعة مشوار حياته.
طاقم المسعفين هب لنجدتها مع علامات استفهام ُزرعت في أذهانهم عن سبب صراخها مطالبة بقتل "أخيها المجرم"، وشكر الله تعالى على خروج هذا الجنين من خلايا جسدها قبل أن يكون مصيره الهلاك عند كل صباح.
"ن" واحدة من المسعفين الذين حاولوا التهدئة من روع "هدى" بالإضافة إلى الطبيب المناوب الذي استطاع التحري من رجال سيارة الإسعاف عن عنوان الفتاة ومعرفة ذويها والاتصال بهم وإبلاغهم بوجودها في المشفى، فيما حاولت "ن" جاهدة تخفيف الألم النفسي الذي تعانيه تلك الأم الصغيرة، والتي بقيت رافضة التوقف عن الصراخ والدعاء على أخيها المجرم!..
كان الخبر على أهل هدى كالصاعقة وتحديداً على والديها الذين تدل ملامحهما على بساطة وطيبة لا حدود لها باستثناء أخيها الجالس في أخر الممر يسترق الحديث من أفواه الحاضرين وتحديداً من "ن" التي أخبرت الوالدين بوضع "هدى" وكان خبر إجهاضها كالصاعقة على رؤوسهم وخاصة بعد تأكيدهم بأنها ليست متزوجة؟!.

الطبيب المناوب وبعد انهيار الأبوين ودخولهما سوياً إلى غرفة الإنعاش لم يبق أمامه سوى الاتصال بالسلطات الأمنية المختصة ووضعها بصورة ما حدث، وتقديم تقرير مفصل طبياً عن حالتها لحين وصولهم للمشفى، مؤكداً على ضرورة معرفة تفاصيل القضية الغامضة قبل هروب الفاعل الحقيقي قاصداً بذلك شقيق "هدى" الذي اختفى فور دخول الأبوين لغرفة الإنعاش.
وبعد خروج "هدى" من غرفة العمليات تقدم قائد الدورية مطالباً باستجوابها فوراً رغم تدهور حالتها الصحية والنفسية، مؤكدا لها انه لا يريد سوى معرفة التفاصيل الرئيسة ليحدد ماذا سيفعل، وكان سؤاله الأول عن والد هذا الجنين الذي أجهض للتو.
"هدى" وبعد بكاء مرير ودعاء بالموت لنفسها قبل الرد عن هذا السؤال، وإصرار من جميع ممن كانوا حولها من العاملين بالقسم ورجال الأمن أجابت عن اسم والد هذا الجنين والذي كان كالصاعقة على رؤوس جميع الحاضرين لتعود مؤكدة على اسمه مرة أخرى " نعم إنه أخي " لتدخل بعدها في غيبوبة جسدية قد لا تطول كثيراً، لكن غيبوبتها النفسية هي التي قد تدوم للأبد.
رجال الأمن تحركوا مباشرة لملاحقة شقيق "هدى" المدعو "ك. ر" والذي بقي متواريا عن الأنظار لأكثر من أسبوع لحين استطاعوا إلقاء القبض عليه في منزل أحد أصدقائه، وأثناء التحقيق معه سرد لرجال الأمن تفاصيل ما فعله بشقيقته، تفاصيل كانت في غاية البشاعة لدرجة عجز كاتب التحقيق عن تدوين ما سمعه.
حيث يقول"ك.ر" : انتقلت أنا وأختي للسكن إلى العاصمة لكون قريتنا بعيدة عن جامعتي وفضلت اصطحابها معي لتكون تحت إشرافي ضمن مرحلة استعدادها لتقديم الشهادة الإعدادية، ونظرا لتواجدنا بشكل دائم ضمن المنزل، في فترة كانت البداية لبروز مفاتن جسدها التي لم استطع مقاومتها لكونها مكشوفة أمامي بطريقة أو بأخرى فضلاً أننا نعيش في مكان واحد، وفي أحد الأيام وعند استعدادها للاستحمام لمحتها بنظرة عابرة شبه عارية، هذه النظرة كانت كافية بإشعال نار لم أستطع احتمالها ومقاومتها فما كان مني سوى التهجم والاعتداء عليها، ثم ضربها وبقسوة لتتوقف عن صراخها خوفا من لفت انتباه الجيران لما حدث نظرا لتواجدنا ضمن حي شعبي يسهل على من يحيط بنا سماع ما يجري لدينا".

الموضوع عند شقيق "هدى" لم يتوقف عند تلك الحادثة بل استمر في تهديدها بأساليب مختلفة في إفصاح ما حدث للأهل طالبا منها البقاء في المنزل وعدم الخروج منه جاعلاً منها سجينة بين جدرانه، خالقاً شتى الأعذار لها أمام الأهل ليمنع ذهابها إلى المنزل ومانعا زيارة أي احد إليهم بحجة اقتراب موعد الامتحانات رغم وجود فاصل لا يقل عن أربعة أشهر على موعد بدايتها، إلا أن القدر تدخل ليوضح جريمته التي سعى إلى إخفائها بأسلوبه الأحمق والقذر، وتحديداً عندما بدأت عوارض الحمل الأولية بالظهور على "هدى" وصولا إلى بداية انتفاخٍ في البطن التي لم يجد لها حلا سوى القيام بعملية إجهاض أسند لنفسه مهمة تنفيذها!، وعندما مانعت "هدى" أقدم على ضربها بشكل مبرح موجهاً لكمات إلى معظم أنحاء جسدها الناعم ومركزاً على مكان بروز جريمته الشنعاء.
جسد "هدى" لم يكن أمامه سوى الإغماء نظراً لما تعرض له من ضرب مبرح ليصحوا من غيبوبته على نزيف حاد في المنطقة البولية والتناسلية وحيداً بعد ذهاب الأخ للعب الورق مع أصدقائه ترفيهاً عن نفسه القذرة!..
صراخها من شدة الألم كان كافيا لقيام الجيران بالتدخل سريعاً لإنقاذها محطمين باب المنزل تلبية لاستغاثتها طالبين لسيارة الإسعاف أملاً في إنقاذ حياتها التي كانت على حافة الانتهاء.
والد "هدى" ووالدتها كانا عاجزين عن النطق بأي كلمة تجاه ما حدث!!. الصمت الناتج عن صدمة ما حدث كان جوابهما الوحيد، مع الدعاء على ولدهما العاق وعلى فعلته النكراء، مع تأكيد من الأم على أن خلايا جسدها أخطأت خطئاً فادحا عندما سمحت لمثل هذا الأخ المجرم بالتكوين بين أجزائها، فيما تدخل القانون هنا ليلعب دوره المعتاد بعد تحويل "شقيق هدى" إلى القضاء المختص لينال جزائه العادل، مع تأكيد جميع من سمع وشاهد تفاصيل هذه الجريمة أن الإعدام ليس كافياً بحقه.
لكننا هنا نسأل؟، ما الذي دفع بهذا "الأحمق" للإقدام على هكذا تصرف مشين، وما هي المبررات التي وضعها لنفسه قبل وبعد ارتكاب جريمته، هل التربية المنزلية لها دور بما حدث ورفقة السوء ساهمت في تنمية روحه القذرة، وبعد الأهل عن أولادهم وقلة تواصلهم معهم والإشراف عليهم بشكل مستمر هو السبب، فضلا إلى إسناد مهمة العناية بالفتيات لإخوتهن الذكور دون التأكد من صحة بنيانهم النفسي والعقلي، كلام يصعب على المرء قبوله أو تصديقه لكن في مثل هذا الزمن الغابر علينا توقع سماع أي شيء.
نشرت في مجلة الثرى على الرابط : http://www.thara-sy.com/thara/modules/news/article.php?storyid=431

الفتيات العراقيات المقيمات في سوريا.. صمت خلف الجدران.. و كدح بلا مقابل

مالك أبو خير

" باتت الأريكة عالمي وكل تفاصيلي" ... فما كان في الماضي حلماً ينمو ويكبر أملاً في الوصول نحو ما أتمناه، بات اليوم أشبه بكابوس ثقيل يغفو فوق عيني المثقلتين من كثرة الدموع ... قصص اذ اردت معرفتها والخوض بتفاصيلها فما عليك سوى النظر للقابعين خلف جدران المنازل والتمعن في أحوال من سكنوها بعد هروبهن من جحيم فاق الجحيم نفسه بمواصفاته ومعاييره وعجزت وكالات الانباء عن نقل التفاصيل بحقيقتها كما هي على أرض الواقع.

كلمات وجمل كانت الجواب عند سؤالي للطبيبة العراقية "فاطمة" المقيمة منذ 3 سنوات في دمشق عن كيفية تأقلمها مع الوضع الجديد، ومتابعتها لسير حياتها في ظل الظروف الجديدة المفروضة عليها...
لاجديد في حياتي منذ قدومي الى سوريا "تقول فاطمة": فلن تصدق اذا قلت لك انني ومنذ وصولي سوريا لم يتجاوز عدد المرات التي خرجت بها خارج نطاق الحي الذي اقطن به عدد اصابع اليد، فما حصل لي ولعائلتي كان كفيلاً بإصابتنا بكآبة قد لا تنتهي ... تهجير وقتل لاخوتي على يد الميليشيات وهروب تحت جنح الظلام وتحت وابل من الرصاص الذي اطلق علينا ومن دون سبب ...واقع لا أنكر انه وضعنا في حالة من الصمت استمرت لاشهر طويلة جعلت من الأريكة منزلي أصحو وأغفو عليها، لحين استجمعت قوتي وقررت التوجه نحو عمل جديد امارس به مهنتي، نازعة شهاداتي العلمية من جدران منزلي مع اصرار على اكمال مشواري الطبي وتحقيق ما عجزت عن فعله في العراق، فتوجهت نحو المستشفيات الخاصة والمراكز الطبية المتوفرة هنا بدمشق لاصطدم بواقع ارتفعت به نسبة البطالة بأبناء البلد أنفسهم الذين توجهوا نحو الخارج بحثاً عن بدائل مناسبة ... لاعود مرة أخرى إلى الأريكة والى تعليق شهاداتي العلمية على جدران المنزل املاً في الاستفادة منها في دول الاعتراب الاوروبي التي نأمل في الانتقال اليها قريباً".
واقع شمل الكثيرين من الفتيات العراقيات القادمات الى سوريا مع عائلاتهن طلباً للجوء من الحرب الدائرة في بلادهن، مأسورين خلف جدران من الصمت بأنتظار ما هو آت وقادم قد يكون مختلف لما سبق أو لما هم عليه، فمعظم الفتيات القادمات يحملن الشهادات العلمية وبمهن مختلفة وبنسبة كبيرة الى حد ما، لكن القليل منهن ومن استطاع ايجاد عمل وان كان بغير اختصاصه والكثير منهن اخترن أو أجبرتهن الظروف على البقاء خلف الجدران ينظرن عبر ثقوبها مترقبين ظهور بادرة امل تعيد لهم جزءاً ولو بسيطاً من حقوقهن التي ضاعت في مطاحن الحرب القاتلة...
"هبة ومنال" أختان توأمان ضمن أسرة تجاوز عدد افرادها السبعة دون حسبان الاب والام، لم تجدان مفراً من تحمل ساعات العمل الطويلة والتي تجاوزت العشر ساعات يومياً في احد ورشات الخياطة وبأجر لا يتجاوز للاثنين العشرة الآف ليرة سورية شهرياً، في سبيل تأمين أجرة المنزل الذي تقطنه العائلة.
ليس امامنا سبيل آخر تقول هبة:" فما يجنيه والدي في العمل (كعتال) في احدى ورشات البناء لاتكاد يكفينا ثمن الطعام ومصاريف العلاج لأمي، فأنا ومنال الأكبر بين إخوتنا وعلينا تحمل المسؤولية في اجتياز هكذا ظرف مادي صعب وقاسي كان كفيلاً بجعلنا أشبه بالعبيد في ورشات العمل متحملين سماع الكثير من الكلام القاسي من قبل البعض والإطراء الذي يصل لدرجة مقرفة من قبل البعض أحياناً أخرى ... فنحن أمام مصير وواقع فرضته الظروف علينا دون رحمة أو شفقة من قبل الجميع بدأ من ابناء بلدنا أنفسهم وصولاً إلى أماكن العمل وقذارتها..
فنحن الآن بات مصيرنا مرهوناً بما ينتجه تقدم وتحسن الوضع الأمني في العراق إن تحسن عدنا إلى أرزاقنا وأملاكنا التي تركناها خلفنا أملا بالنجاة.. هذا إن نجيت هي الأخرى من الدمار والخراب، وان لم يتحسن بقينا هنا تحت رحمة الظروف المؤلمة التي نعمل بها".
"أميرة" مدرسة سابقة بكلية الاقتصاد بجامعة بغداد لم ترضى بأن تسكن خلف الجدران كغيرها من زميلاتها المدرسات الذين قدمن إلى سوريا ولم تيأس من عدم توفر فرص عمل لها ضمن أرض اللجوء دمشق، فتوجهت للسكن ضمن جدران أخرى .. وإن أغلقت أبوابها في وجوه الكثيرين من زملائها.. ألا وهي السفارات التابعة للدول الأوروبية والخليجية، جاعلة منها مقصدها الدائم كل يوم بإصرار يتزايد مع كل رفض لها..
لن أجعل الاستسلام خياراً لي تقول أميرة:" فالواقع الذي أعيش به لا يسمح لي إن ابقي صامتةً انتظر الفرج من رجال السياسية وقادة المليشيات المتنازعة في العراق، فأنا أم لثلاثة أطفال قتل والدهم في سبيل إخراجنا من المنزل أحياء، والمعونات التي تأتيني لا تكاد تكفيني ثمن الرغيف الذي أطعمهم إياه. تضيف: صمتي وبقائي بانتظار الأمل بالعودة لن يدفعني سوى للمزيد من التنازلات التي تفرضها الظروف الاقتصادية لحد أن اقبل العمل كعاهرة في سبيل عدم رؤيتهم جياع أمام ناظري ... فمهما تعرضت للرفض وإغلاق لأبواب السفارات بوجهي لن تخف عزيمتي في طرق المزيد والمزيد للخروج من هكذا واقع مرير".
قصص قليلاً ما ننظر إليها... ونعرف خبايا آلامها وجروحها، لكونها اختبأت خلف جدران من الصمت والقبول بالواقع الراهن، الذي فرض على أغلبهن الصمت دون أي حراك يذكر أو العمل تحت أقسى الظروف دونما اعتراض على كل ما يتعرضون له من أذية وألم نفسي واضح على وجوههن المتعبة من كثرة الصبر وانتظار الفرج البعيد كبعدهن عن أوطانهن.
واقع عجزت ظروف العراق السياسية عن حله، فلا الظروف المتوفرة بن أيديهن تساعد على إيجاد الحلول ولا ظروفهن المادية والنفسية تسمح لهن بالقباء صامتات للأبد... ليرمى بالثقل بالكامل على عاتق المنظمات الدولية والإنسانية التي عجزت هي الأخرى عن تحمل صفوف الهاربين من جحيم العراق على عتبات أبوابها.
نشرت في مجلة الثرى على الر ابط: http://www.thara-sy.com/thara/modules/news/article.php?storyid=761