22 يونيو، 2009

"قوادين".. وعلى عينك يا تاجر


مالك أبو خير




" أبو الحلوين " و " مسمار الروح " و " مفتاح العسل " أسماء حركية اعتمدوها لتكون مسمياتهم ضمن نطاق عملهم المقتصر على مطعمين في احد مناطق ريف دمشق، حيث اعتمدوا في كلا المطعمين طاولة دائمة تكون المركز الرئيسي لنشاطهم يقتنصون من خلالها الزبائن و الراغبين في اصطحاب إحدى فتيات الهوى قبل خروجه من المطعم.

في البداية كان قدومي مع بعض الأصدقاء لهذا المطعم بغرض تناول الغداء والترفيه عن النفس، لنتحول بعد دقائق معدودة من قدومنا لأحد زبائنهم المعتمدين... مع إمكانية إعطائنا خدمة متميزة قد تستمر إلى ما بعد البيع كنوع من التأكيد على جودة خدمتهم.

فأنت لست بحاجة لبذل جهد أو تعب للوصول إليهم... يكفي فقط توجيه نظراتك للنساء المتواجدات على طاولات المطعم كافية لتكون هدفهم أو زبونهم الدسم، فهم من المهارة والحنكة في التقاط الزبائن وطالب المتعة ما يكفي، والسبب طبعاً لخبرتهم الطويلة في هذا المجال ولكونهم يتميزون بقدرة عالية على قراءة الوجه وتفسيراته، وبالتالي اختيار الشخص المناسب لطلبهم وتجارتهم ليس بالأمر الصعب عليهم.

أحد الأصدقاء المتواجد معنا على طاولة هذا المطعم، كان من النوع الذي يهوى الغوص في مثل هذه العادات رغم زاوجه من اثنتين! ... فهو لطالما كان معروفاً لكونه زير نساء من الدرجة الأولى منذ أيام الجامعة وحتى الآن... الأمر الذي جعل ملامح وجهه ونظراته الشهوانية للنساء الموجودين كافية ليكون احد طيورهم المراد اصطيادها، فما كان من أحدهم سوى القدوم إلينا والجلوس دون الاستئذان طارباً أذاننا بأحاديث مختلفة عن جمال النساء ومتعتهن بطريقة كانت مبتذلة ولدرجة دفعتني مع صديق أخر لي على الطلب منه بالرحيل فوراً ... ليجيب ببرودة لا متناهية :" يا أخي آنت وياه ليش عم تقطعوا برزق العالم... ما الرزق على الله، والله ما بيحب ينقطع رزق حدا" فسألته مستغرباً:" قواد... وبتقول الرزق على الله... ليش الله رضيان عن عملكن"... لندخل بعد ذلك معه بجدال عن مفاهيم الحياة لم ينتهي إلا باتفاق بيني وبينه يقضي بشرح طبيعة عملهن مقابل استمرار وجوده على الطاولة.

يقول " مسمار الروح ": ( نحن نعمل بهذا المهنة منذ زمن لكن ليس بالطويل، ونشاطنا يقتصر بالتعامل مع عدد متعدد من الفتيات منهن طالبات جامعات ومنهن من احترف هذه المهنة منذ زمن، حيث نقوم نحن بجذب الزبائن أمثال صديقك المحترم وعرض صورهن من خلال الهاتف الخليوي، وعند اعتماده على واحدة منهن نقوم بالاتصال بها وتحديد موعد ومكان اللقاء والسعر".



- كيف تحصلون على عمولتكم من هذه العملية؟

تعاملنا مع هؤلاء الفتيات منذ زمن، ونحن على ثقة كبيرة "بصدق أخلاقهم"! ... لذا فنحن نحصل على عمولتنا بعد انتهاء اللقاء مباشرة أو في اليوم التالي، والتي حددناها ب 20% من قيمة ما يتم الاتفاق عليه توزع علينا نحن الثلاثة بالتساوي وبغض النظر من الذي كان السبب في جلب الزبون أو الاتفاق معه فنحن الثلاثة نتعامل بأمان فيما بيننا...!.

-الفتيات الذين يعملن ما الذي أجبرهم على العمل بهكذا عمل؟

إذا شرحت قصة كل واحدة منهن لن انتهى حتى الصباح، فمنهن من اختارت هذا العمل بإرادتها ومنهن من تورطت به ومنهن من تقول أنها عملت معنا لمتابعة دراستها أو الصرف على أسرتها وغيرها من القصص التي لا تهمني... المهم في تعاملي معهم هو عمولتي أما حياتهم الشخصية فهي لهم وحدهم ولا تخصني.

لينقطع حوارنا بصافرة انطلقت من أحد الجالسين، كان من زبائن " مسمار الروح " المعتمدين ومن المرجح انه يتمتع بخدمة ما بعد البيع التي اخترعها مسمار الروح وزملائه من حيث خفض سعر العمولة مع كل مرة وتقديم اثنتين بسعر مغر للزبائن... وغيرها من العروض التي عجز وكلاء السيارة لدينا عن تقديمها .... ليعتذر منا بكل لباقة واحترام قائلا:" ما قلتلك الرزق على الله... هاد أبو الليل أحلى زبون عندي دقيقة وبرجع"... لتكون هذه الدقيقة كافية لانسحابنا بكل هدوء مع نية مؤكدة عن عدم العودة ثانية.

صدق في الأخلاق... وأمانة في التعامل، مصطلحات كانت من الغريب تداولها على ألسن أناس مثل هؤلاء، والأغرب من ذلك صمت من كان الواجب عليهم الحديث وبقوة ضمن هكذا موضوع بات يخترقنا في الصميم، محولاً عدد لا بأس به من المقاهي لمثل هؤلاء الأشخاص... فيما حالات الإيدز تنظر المزيد من الأجساد للعبث بها والقضاء على عقول شابة قد تقع فريسة بين أيدهم.




نشرت في موقع حكاية سورية: