28 أغسطس، 2009

سوء التغطية ضمن ... إعلامنا السوري.


مالك أبو خير



يبدو أن سوء التغطية وانقطاع شبكات التواصل لم يقتصر على هواتف الخليوي لدينا في سورية، وإنما شمل هذا عدداً كبيراً من المرافق الحكومية كان الإعلام السوري أهم المتضررين منه.
في البداية كانت التجربة المريرة مع الإعلام الحكومي وانتشار سوء التغطية ضمن قطاعاته نتيجة لوجود مجموعات يمكن إطلاق العديد من التسميات عليها بدءاً من الشللية والتي تطورت عبر الزمن متحولةً إلى مافيا منظمة منعت دخول أي تطور ضمنه يفوق مستواهم الصحفي أو تطورهم مستواهم العقلي وصولاً إلى نشر فكر إعلامي متحجر ينبئ بكساد ضمن العقول الشابة الصاعدة للعمل حديثاً ضمن هذا القطاع العاجز عن فهم تركيبة علم الصحافة والإعلام، وتحجر هذا الإعلام وانحساره ضمن عقليات لا تعرف سوى طريق التراجع بصورة الإعلام، كانت من أهم الأسباب في بقاء الكوادر الإعلامية الجديدة تجلس مقاعد الانتظار، تنظر إلى ملعب الحياة الإعلامية بحسرة كبيرة لكون المدرب ما زال غير قادر على اخذ قرار نزولها ومشاركتها ساحة الملعب الإعلامي إلا بقرار يأتي من مالكي هذا الفريق وصاحبي الامتياز بحصصه وأرباحه.
ولكن عندما بدأ الإعلام الخاص يدخل ساحة هذا الملعب استبشر الإعلاميون السوريون وتحديداً جيل الشباب خيراً، لكونهم سيخرجون من مقاعدهم الاحتياطية نحو فرق جديدة يصنعها هذا الإعلام القادم عبر أموال خصصت كما قال أصحابها لخدمة الإعلام وبناء صروح إعلامية سورية تنافس ما هو موجود على الساحة العربية والعالمية...!، وبالفعل توجه الإعلاميون لطرق أبواب هذه الفرق الصاعدة، لكن المفاجأة الأولى التي صدموا بها، أن من فتح لهم الأبواب هو نفسه من قام بإغلاقها بوجههم ضمن القطاع الحكومي، وليعود هذه المرة بإغلاقها مجدداً معلناً عدم انضمام أي احد لفريقه الجديد المدعوم بمال خاص إلا من كانوا أوفياء له ضمن قطاعه الأم وهو القطاع الحكومي.
سوء التغطية هنا كان واضحاً منذ البداية، فمن كان مديراً لجهة ما في القطاع الحكومي، بات اليوم مديراً أيضاً لكن ضمن قطاع خاص يدعي الحيادية واختيار كوادره على أساس الخبرات والكفاءات المتوفرة من جيل الشباب، ليتم اختصار هذه الكفاءات بمجموعة من شخصيات تم انتقائها بعناية وبمعايير مختلفة أهمها من يملك القدرة العالية من التملق وجلب العدد الأكبر من اتصالات أصحاب النفوذ، الأمر الذي جعلنا نعود لدوامة الجلوس على مقاعد الفرق الاحتياطية من جديد ولكن هذه المرة بعد انقطاع الأمل الأخير بوجود فرص حقيقة تحمينا من وحش لطالما سكن قلوبنا ... ألا وهو البطالة وانتظار الفرج.

فرص عمل ... الكترونية:



عند بداية ظهور الإعلام الكتروني في سوريا ونشوء مؤسسات تعمل في مجال النشر الالكتروني، سعت هذه المؤسسات إلى استقطاب الكوادر الشبابية للعمل ضمن مجالها، لكونها على علم بحجم البطالة المنتشر بين صفوفهم وبالتالي فرضت عليهم شروطها ومن جميع النواحي بدءاً من مجال الأسلوب العام للموقع الكتروني وصولاً إلى الدخل المادي المخصص لهم والذي لا يتجاوز في أفضل المواقع 10 آلاف ليرة سورية، لتأخذ هذه المواقع مقابل هذا المبلغ جهدهم وكل ما يكمن أن تحتويه عقولهم، وباسلوب أشبه بالعمل التطوعي دون نسيان حالة التذمر الدائمة من أصحاب هذه المواقع وطلبهم المزيد رغم كل ما يقدم لهم، ولأكون صريحاً أكثر فأننا في سورية يمكننا أن نستثني القليل من هذه المواقع والتي لا تتبع كغيرها أسلوب "سوق الهال" في عملها وتعاملها مع موظفيها، والتي انعدم منها أسلوب العمل المهني الصحفي الحقيقي واتجهت نحو نقل والفضائح والجرائم وما قال هذا وما قال ذاك، دون العمل على بناء بنية صحفية حقيقية أو مدرسة حقيقية في مجال الصحافة والإعلام.
فعند دخولك لدى الكثير من أصحاب المواقع الكترونية لدينا في سورية والتي يوحي لك منظرها الخارجي بأنك على أبواب مؤسسة صحفية عالية المستوى، تفاجأ عند لقائك بمديرها أو رئيس التحرير لديها بأنك أمام شخصين لا ثالث لهما، أما انك أمام تاجر من "سوق الهال" بدمشق أو انك أمام قائد لفرقة انتحارية في أي لحظة يطلق رصاص الموت ويرديك قتيلاً، وبالتالي يصبح الصحفي إما منافقاً لتاجره الكريم أو صامتاً مخصياً خوفاً من رصاصة طائشة تنسف رأسه.
وبالرغم مما تدعيه هذه المواقع من توفيرها لفرص عمل لجيل الشباب، إلا أنها كانت سبباً في شل حركة التطور الحقيقي في الإعلام لدينا بالمقارنة مع العدد من الدول المجاورة لنا أو دول الغرب المتطورة في كل شيء وليس في الصحافة فقط، الأمر الذي جعل النفاق والتملق السبب الأهم في استمرار أي صحفي فيما المهنية وأسلوب الصياغة ونوعية المواد المطروحة هي أخر ما يتم تقييم الصحفي به.

الصحف المطبوعة ... ( قص ولصق):



هل جرب احد ولو مرة واحدة أن يدخل إلى إحدى مقرات الصحف أو المجلات المطبوعة في سوريا، وتوجيه سؤال إلى احد الموجودين عما يعمل وما يفعل وما هي شهاداته العلمية وما هي خبرته الصحفية.
الجواب طبعاً في حال أن قام احدهم بهذه الخطوة، أن النسبة الكبيرة من الموجودين لا ينتمون لعالم الصحافة من قريب أو من بعيد، وبالمقابل تجد أن نوعية المواد المطروحة ضمن صفحاتها لا تمت للإعلام بصلة بقدر ما تمت إلى سياسة ( شيل وحمل ).
فالصحف أو المجلات التي تتبع سياسة صحفية ذات معايير إعلامية حقيقية تكاد تعد على أصابع اليد، أما غيرها فهي مجموعة من غاسلي الأموال وتجار الظهور السريع ومن دون معرفة أسباب غناهم المترف قرروا فتح مجلات فنية أو اجتماعية ليتم توظيف كل حسناواتهم خلف مكاتبها.
وهنا نجد أن سوء التغطية متواجد وبقوة كبيرة، مع إمكانية ملاحظة على صفحات هذه المجلات من حيث النصوص المطروحة أو طريقة التصميم والإخراج الصحفي، دون نسيان سياسة ( القص واللصق ) صاحبة الفضل والأخير في انتشار المقالات ضمن صفحاتهم.

الفضائيات الخاصة السورية ... في ذمة الله:



قد يطول الشرح إذا ما أردنا الحديث عن الإعلام المرئي ومراحل المحنة الحقيقية التي مرت بها الفضائيات الخاصة في سوريا، والتي شهدت منذ بداياتها حالة من التغيب القسري نتجت من ظروف وقرارات حكومية أو من خلال إدارة القناة نفسها، وليكون سوء التغطية وصفها الوحيد بامتياز كبير، فقناة شام التي علق عليها الإعلاميون أمالهم علها تكون بداية لانطلاقة إعلام يخرج من القوالب التي حشر بها لسنوات عديدة، ليكون جواز السفر والهجرة نحو مصر الشقيقة نهاية أشرفت جهات مختصة على إيقافها وترتيب هجرتها ...ومن دون عودة.
وعندما ظهرت قناة الدنيا اعتمد القائمون عليها نهج خط سياسي، مع إهمال واضح منهم للبرامج والتي تعتبر الأساس في نشاط الصحفيين وعملهم، الأمر الذي جعل نشرات الأخبار السياسية والبرامج السياسية تحتل القسم الأكبر من عمل القناة فيما أسندت البرامج لمجموعة يمكن إطلاق وصف الهواة عليهم أكثر مما يمكن إطلاق لقب محترفين، وبالتالي كانت البرامج المنوعة الموجودة في بداية انطلاقتها لا تمت لنبض الشارع السوري لا من قريب أو من بعيد، دون نسيان ضعف كوادر المعدين ومقدمي البرامج الذين كان النقد اللاذع في المرصاد لهم عند نهاية كل حلقة من برامجهم.
وهذا يعود طبعاً لاعتماد القائمين على الخطط البرامجية آنذاك سياسة الانتقاء القائم على المعارف وتقديم الفائدة الشخصية على حساب العمل، واختيار من كانوا غير صالحين في تقديم تلك البرامج أو إعدادها.
وفي الأثناء التي كانت قناة الدنيا قد دخلت مرحلة تغير في طاقمها الإداري واستبداله بإدارة تمثلت بصعود شخصية غيرت موازين القوى داخل القناة وسرحت كل من كان له علاقة بالطاقم القديم من قريب أو بعيد، كانت قناة المشرق تعيش مرحلة بداية لامعة ومميزة، تمثلت عبر مجموعة من البرامج التي اشرف مدير القناة محمد عبد الرحيم على إعدادها وإطلاقها معتمداً بإخراجها وتقديمها على مجموعة من الكوادر الشابة التي كانت بشهادة الجميع سبباً في تقديم القناة بصورة محببة إلى قلوب المشاهدين، لتفتح بذلك القناة فرصة للعمل أمام كل الكوادر الشابة التي يمكنها أن تقول شيئاً على ملعب الساحة الإعلامية، ومع مرور الأيام وبقدر ما كانت تتصاعد شعبيتها ضمن الساحة السورية والعربية كانت التقارير التي تشكك في انتمائها وولائها لوطنها الأم تزداد وضوحاً على صفحات المواقع الالكترونية التي كانت تنتظر أي مكان لوضع اتهامات تختلف حدتها بين عدم الوضوح أو اعتماد هوية ملتبسة من قبل ادراة القناة.
وعند طرد عدنان عبد الرزاق المدير الإقليمي السابق لها في سوريا زادت تلك المواقع الكترونية من حدة هجومها على ادراة القناة معلنة عن اقتراب موعد إغلاق مكتبها في دمشق وكأن استمرارية نجاح القناة سيتوقف بعد رحليه ... ! ( بحسب ما عبرت تلك المواقع) رغم انه استلم منصبه بها بعد فترة طويلة من إنشائها، لكن ما كان يعتبر مجرد إشاعات تحول مع مرور الأيام إلى حقيقية واقعة .... ومؤلمة تمثلت بإغلاق مكتبها بدمشق وتوقيع عدد من العاملين به على تعهدات بعدم العمل بها مرة أخرى، ليترك مصير استمرار مكتبها ضمن وطنها الأم سورية مرهوناً بالأيام القادمة وما قد ستحمله من مفاجآت.
سوء التغطية .... ووفقاً لكل ما ذكرت كان الحاكم والمسيطرة الأول على مختلف قطاعات الإعلام ضمن سوريا، والسبب الأكبر في هجرة اغلب الكوادر الإعلامية الشابة التي طال جلوسها مقاعد الانتظار نحو الخارج للعمل وإثبات ذاتهم وقدراتهم المدفونة أسفل تلك المقاعد وليكون قرار عودتهم في حكم الميت أو المنتحر في ظل أجواء يعمها السواد والضبابية وانتشار أصحاب العقول المتحجرة التي طالما أغلقت الأبواب في وجوههم.




مادة خاصة ومنشورة حصراً بالمدونة

المساكنة أو الزواج العرفي .... واقع لابد من الاعتراف به

مالك أبو خير


لم يخطر يوماً في ذهن القاطنين في البناء الواقع في إحدى مدن ريف دمشق أن " منير " وزوجته " سلمى " كان زواجهما عبارة عن مساكنة دون زواج شرعي، فتصرفاتهم وعلاقاتهم الجيدة مع أهل هذا البناء وتبادلهم الزيارات معهم كأي زوجين لم يوحي أو يولد الشك لأحد بغير ذلك، فهم كانوا معروفين بحسن سلوكهم وتعاملهم مع محيطهم والجوار،ولم تكشف هذه العلاقة على حقيقتها إلا عندما اكتشاف والد سلمى لها ليأتي إلى منزلها مع عدد من الأقرباء محدثاً معركة دامية مع شريكها في السكن أو زوجها " منير " كما كان معروفاً للجميع، قصة واقعية حدثت وكادت نهايتها أن تكون مأساوية بحق الفتاة لولا تدخل أهل الخير وحلها بزواج الاثنين نظامياً.


المساكنة أو الزواج العرفي وبالرغم من عدم تقبل المجتمع ورفضه له جملة وتفصيلاً، إلا انه بات حقيقة واقعة وموجودة بين صفوف شبابنا ومنتشرة بشكل وملحوظ، ولدرجة أن البعض بات يجاهر بها علناً ومن دون خجل لكونها من وجهة نظره الحل الوحيد للعيش مع من يحب متأملاً بتحولها مع مرور الأيام إلى ارتباط حقيقي، في حين يراها البعض مجالا لخوض الحياة الزوجية وممارسة العلاقة الجنسية ومن دون أي رابط يقيده وبالتالي الانفكاك منها عند أو خلاف أو عدم اتفاق.


" نهاد بصمجي " في السنة الرابعة كلية علم اجتماع تجد في مثل هذا النوع من الزواج أو الارتباط (ضرباً من الجنون) لكونه لا يحمل أي ضمان منطقي للفتاة التي تعيش هذه الحياة التي لا يمكن اعتبارها زوجية ولأسباب عديدة أهمها أنها في أي لحظة تصبح في الشارع ومن دون أي قدرة على تحصيل حقوقها، هذا بالإضافة للضرر النفسي والجسدي اللذان يلحقان بها.
في حين لم تجد " سارة. م " مانعاً من هذا الارتباط بشرط أن يتوفر الوعي اللازم للطرفين حيث تقول: ( هناك الكثير من العوائق الموجودة ضمن مجتمعنا التي تمنع الزواج كالاختلاف في المذهب أو الدين أو عدم موافقة الأهل على الزواج ولأسباب يمكن اعتبارها هنا اجتماعية، وبرأي إذا توفر الوعي الكامل لدى الطرفين فإن هذا الارتباط قد يتحول إلى ارتباط حقيقي نتيجة لتمتن العلاقة بين الطرفين وبالتالي نجاحها في النهاية، فنحن دوما ً نحكم على مثل هكذا علاقات بالفشل كوننا ما زلنا نرى الحياة وفق منطقنا الشرقي).

القانون ... وعدم المعارضة:

"د. كندة شماط" محامية وناشطة في مجال حقوق المرأة تجد من الزواج العرفي أو المساكنة من أهم العوامل التي تساعد على تهديم وهضم حقوق الفتاة بالكامل، فالرجل هنا قادر عن التخلي عن زوجته أو صديقته في حال المساكنة ومن دون أن تستطيع مطالبته بأي مطلب من مطالبها أو تطبيق أي بند من البنود التي يمكن تطبيقها في حال الزواج النظامي، وبالتالي باتت الفتاة معرضة للطرد والحرمان من كافة الحقوق المنصوص عليها في القانون ومن دون أي مسألة من القبل الجهات القضائية والمختصة.
وعن وجود مادة في القانون تعاقب أو تمنع حالة المساكنة تجيب د " شماط " : ( لا يوجد في القانون السوري أي مادة تمنع أو تعاقب المساكنة بين اثنين دون زواج شرعي، ولا يمكن اعتبارها تحت جرم الزنا إلا تم الإبلاغ عنها للسلطات المختصة والتي تقوم باستدعاء الطرفين ودفعهما ( كما يحدث غالباً ) إلى إجراء عقد زواج نظامي).

ارتباط دون نهاية محددة:


اغلب التجارب التي أجرينا لقاءات معها ترى أنها أخذت القرار الذي يناسب المرحلة الراهنة وبانتظار أن تسنح الفرصة المناسبة ليتحول ارتباطهم أو زواجهم العرفي نحو العلن، فمنهم من يراها مجرد مرحلة عبور نحو الزواج في حين يراها البعض " ذكور وإناث " مجرد مرحلة عابرة من حياتهم وبعد ذلك يتجه كل منهما نحو حياته الخاصة.


" مازن و هبة " طالبان جامعيان، والحب على قاعد الدراسة هو ما جمعهما في حين كانت العوائق التي منعت استمرار هذه العلاقة كثيرة أهمها اختلاف المذهب الديني، الأمر الذي دفعهما للفراق في العديد من المرات لكن الحب هو ما يعود ويمنعهما من الفراق مجدداً، ولتفادي عدم الفراق قررا العيش ضمن نظام المساكنة حيث استأجرا منزلا ً في إحدى مدن ريف دمشق مقنعين الجيران القاطنين في البناء أنهم في بداية زواجهما وقد انتقلا للتو للعيش في مسكنهم الجديد.
في البداية كنت مقتنعة بالفكرة تقول هبة : ( ففراقي عن مازن يعتبر ضرب من المستحيل بالنسبة لي، لكن دوماً تكون الظروف أقوى من أي شيء، وخصوصاً بعد تخرجنا من الجامعة ووصولنا إلى مرحلة تعتبر حاسمة ألا وهي أن نكمل الطريق رغم معارضة الأهل من كلا الجانبين أو الفراق وبدء حياة جديدة لكل منا).

في النهاية لابد من الاعتراف بوجود هكذا نظام غربي بات منتشراً ومعتمداً من قبل الكثيرين من شبابنا، دون نسيان أن هذا النظام قد يكون في اغلب الأحيان مدمراً للكثير من الفتيات وسبباً في تشكيل أزمة نفسية قد تمتد لسنوات عديدة للتخلص منها لكونه لا يعتمد على أي معايير تحفظ حقوقها أمام القانون والمجتمع.

المرصد الوطني لرعاية الشباب ....هل هو مهيأ لتشخيص إصابات أنفلونزا الخنازير؟؟

مالك أبو خير


عند إعلان وزارة الصحة عن أول إصابة بمرض انفلونزا الخنازير في سورية، كانت ردود الفعل متباينة بين التصديق والتشكيك بأنها حقا الإصابة الأولى. ومع استمرار الإعلان عن اكتشاف المزيد من الحالات وتجاوزها عتبة العشرين حالة وما ترافق معه من خشية ارتفاع العدد إلى أكثر بذلك مع اقتراب موسم الشتاء الذي تزداد فيه قوة انتشار هذا المرض والأنواع الأخرى من الأنفلونزا يصبح التحرك من أجل اتخاذ إجراءات وقائية واحترازية أكثر ضرورة وسط استنفار عالمي لتطويق المرض والحد من انتشاره الذي قد يكون سريعاً في المناطق النائية والمكتظة.

وعلى ذلك اعتمدت وزارة الصحة في سورية عدداً من المراكز الصحية التابعة لها في المحافظات وحددت رقم هاتفي يتم الاتصال به في حال الشك بوجود المرض لدى احد المواطنين.
المرصد الوطني لرعاية الشباب كان احد المراكز التي تم اعتمادها من قبل الوزارة لفحص الحالات التي يشك بإصابتها بهذا المرض، حيث خصصت ضمنه غرفتين لاستقبال المرضى ولفحص الحالات التي يشك بأنها قد تكون مصابة، فالمرصد في الأساس خصص لمعالجة حالات الإدمان ويعاني من الكثير من المشاكل في مجال الطاقم الإداري والطبي من حيث عدم قدرة استيعاب كافة الحالات المحولة إليهم. مما يجعل من مهمة فحص المصابين بأنفلونزا الخنازير مهمة خطيرة وعبئاً يفوق قدرة المركز على تحمله وليس على المركز فحسب وإنما على الحالات المصابة أيضاً.

حالات دون وقاية أو متابعة:

مصادر خاصة من داخل المركز تحدثت عن وجود إهمال كبير في متابعة أو معالجة الحالات التي تأتي إلى المركز بطلب التأكد من خلوها من عدوى الأنفلونزا، والسبب هو عدم الجدية في التعاطي معها من قبل العاملين بالإضافة لعدم وجود نظام صحي عام يمنع من انتشار المرض واتساع رقعته بين المواطنين.
تؤكد السيدة التي فضلت عدم ذكر اسمها: النظام الصحي المتبع لدينا في غاية السوء وعملنا يقتصر عندما يأتي مواطن ما ويطلب فحص طبي لشكه بإصابته بالمرض بأخذ مسحة له فقط ومع أخذ رقم هاتفه وعنوانه، ولا نقوم بالاتصال به إلا عندما تكون المسحة " ايجابية " أي انه مصاب بالعدوى حيث نقوم بالاتصال به ونطلب منه مراجعتنا لتحويله نحو إحدى المراكز المختصة للعلاج، وهنا تكمن الخطورة لكونه ومن الواجب أن يتم عزل الشخص الذي يأتي إلينا لشكه بوجود هذا المرض ولا يتم تركه إلا عندما نتأكد من خلوه من هذا المرض، لا أن يتم اخذ المسحة ومن ثم الاتصال به عند التأكد من الإصابة لكون اليوم أو اليومين الفاصلين بين ظهور نتيجة المسحة كفيلة بنقل ونشر العدوى للكثيرين من حوله، ففي إحدى الأيام راجعتنا سيدة تقطن في إحدى المناطق النائية بريف دمشق وطلبت إجراء فحص لها نتيجة لتأزم حالتها وبعد يوم من أخذ المسحة اتصلنا بها نظراً لكون نتيجتها إيجابية وعند قدومها إلى المركز تبين أنها نقلت العدوى إلى زوجها وأطفالها الأربعة وزميلتها في العمل واثنين من أقاربها بالإضافة إلى جارتها، فلو أننا قمنا بالحجر عليها لحين التأكد من الإصابة لمنعنا العدوى من الانتشار إلى اغلب تلك الإصابات، فضلاً إلى أن القليل من المواطنين من يأتون للمراجعة في حال إصابتهم لخوفهم من تعرضهم للعزل وهناك من يعتقد أن إصابته بمثابة الفضيحة وخسران لمركزه الاجتماعي، وهنا تكمن مشكلة جهل اجتماعي اكبر لابد من العمل على تجاوزها والتخلص منها.

لا استعداد لموسم الشتاء:

من المعروف أن أجسادنا تتعرض خلال فصل الشتاء لحوالي 80 نوع من الأنفلونزا البعض منها قادر على رفع حرارة الجسم والتسبب بإعراض شبيه بأعراض أنفلونزا الخنازير وعند سؤالنا للمصدر عن إجراءات المركز أو وزارة الصحة لما سيحدث خلال موسم الشتاء يجيب: ( لاشي من الممكن حالياً أن تقوم به الوزارة تجاه ما سيحدث في فصل الشتاء رغم معرفتها تماماً أن هذا الوباء سيعاود نشاطه بشكل أقوى بكثير من فصل الصيف وسيكون انتشار وسرعة العدوى به أقوى بكثير وقد ترتفع نسب الإصابة إلى أعلى مما هي عليه الآن، وقد يستغرب البعض عندما أقول ذلك، لان الأمر مرمي بالكامل على " لطف الله عز وجل بنا" واللقاح الخاص بالمرض لا يعطى إلا عن طريق وزارة الصحة حصراً بحيث إذا أراد مواطن من الساحل السوري أو ريف حلب مثلاً أخذ هذا اللقاح فعليه تحمل عناء السفر إلى دمشق لأخذه بدلا من أن تقوم الوزارة بتعميمه على مركزها في المحافظات بل حتى العمل على توجيه المواطنين بضرورة أخذه خوفاً من انتشاره بشكل كبير خلال فترة الشتاء).

على ما يبدو أن الإهمال الذي ضرب اغلب مرافقنا الحكومية وكان مخفياً وغير واضح للعيان سيكون واضحاً خلال موسم الشتاء عندما يكون سبباً في زيادة عدد الإصابات بهذا الوباء الذي وضعت له العديد من دول العالم النامية منها والمتقدمة حلولاً وخططاً لمواجهته، في حين أننا ما زلنا ننتظر قدوم " رحمة إلهية " لشفاء من قد يصابون به والذين باتت أعدادهم في ازدياد مضطرد يخشى البعض أنه يفوق ما تصرح به وزارتنا العتيدة.

نشرت في مجلة الثرى الكترونية.

مشفى السويداء... يداوي الناس وهو عليل


جديع دواره – سيريانيوز


"ما قيمة مشفى عام اذا لم يكن قادرا على إجراء اختبار بسيط للمريض سنعرف على أساسه ان كان يحتاج إلى عمل جراحي ام لا.."، هذا ما يقوله الطبيب الجراح نادر ابو الخير وذلك بسياق حديثة عن النواقص العديدة التي يعاني منها مشفى زيد الشريطي(مشفى عام) الذي تعتمد عليه محافظة السويداء بأكملها.
نقص الأجهزة وصل إلى أكثر 48 جهاز طبي (أشعة وتنظير) و36 جهاز للمخابر وفقا لكتب من مديرية الصحة بالسويداء تطلب من الوزارة تزويدها بتلك الأجهزة لضرورتها الملحة دون جدوى.
اما الأجهزة الموجودة فهي قديمة وتتعطل بشكل متكرر، جهاز الطبقي المحوري الوحيد بالمشفى تعطل اخر مرة لمدة 8 أشهر متواصلة، وجرى إصلاحه منذ ايام، وهناك أجهزة أساسية غير موجودة لا بالمشفى ولا بكل المراكز الصحية في المحافظة مثل جهاز الرنين المغناطيسي وتفتيت الحصى وغيرهما.
كأنه لا يكفي المشفى عدم قدرته على تطوير أدواته وأجهزته بسبب ضعف مخصصاته المالية، ليواجه نوعا اخر من المشاكل، حيث كشفت مصادر مسؤولة بالمشفى قيام الإدارة السابقة بشراء مستلزمات الطبية(الشاش) وأدوية بأسعار مضاعفة، كما كشفت عن قضية إصلاح المصاعد، التي كادت ان تؤدي إلى خسائر بعشرات الملايين.
الانتظار أو الانتحار..
المريضة (عفاف.د) راجعت احد الأطباء – من العاملين بالمشفى- بعيادته الخاصة اكثر من مرة وحولها للمشفى لإجراء عملية المرارة، انتظرت كما تقول منذ شهر نيسان لغاية الاول من أب الحالي (4 اشهر) وتمكنت أخيرا من الحصول على دور، والمبرر ان جهاز التنظير الجراحي معطل.
الطبيب الجراح نادر ابو الخير يصف حالة الاجهزة قائلا "توقفت العمليات شهرين في الجراحة التنظيرية، بسبب عطل وصلة الغاز في جهاز التنظير..! وتعطل كبل الكاميرا وأرسلوه للصيانة منذ سنه ولم يتم إصلاحه..! ولا يوجد جهاز شوارد إسعافي في العناية المشددة.. وهناك أداة جراحه اسمها "الهوك"، لم يعد ممكنا العمل بها ويمكن لها ان تؤذي، ونضطر إلى استخدام بدائل...".
يتابع الجراح ابو الخير" هذه أمور ليست غالية الثمن، فهي موجودة حتى بالمشافي الخاصة الصغيرة، حتى (الاملاز) لا نجده احيانا، وهو كاشف مخبري نحدد على أساسه اذا كان المريض يحتاج إلى عمل جراحي ام لا".
المريضة عفاف لم يكن أمامها خيارا اخر غير الانتظار، فماذا عن الحالات التي لا ينفع معها الانتظار، اين ذهبت وماذا فعلت..؟ .
يقول شاب يسكن في إحدى قرى المحافظة (رفض الكشف عن اسمه) "أصيبت والدتي بجلطة دماغية في 16/1/2009 وطلب الطبيب صورة طبقي محوري، والأمر لا يحتمل التأجيل، اتصلنا بمشفى السويداء وكان الرد بأن الجهاز معطل، وبحثنا في مدينة السويداء فلم نجد جهاز طبقي محوري، لا خاص ولا عام، قمنا بإسعافها ليلا من السويداء إلى مشفى خاص بدمشق، رغم خطورة نقلها..".
أجهزة قديمة ومعطلة
في جولة لسيريانيوز على المشفى، اشتكى معظم رؤساء الأقسام من تعطل أجهزة بسبب قدمها، رئيس قسم الأشعة علاء زيتوني يقول "جهاز الطبقي المحور تم إصلاحه بعد تعطل دام 8 أشهر، الآن نستقبل نحو 25 مريض يوميا، والدور فقط ليومين ثلاثة، كنا نرسلهم إلى مشفى صلخد (30 كليو متر)".
لكن زيتوني يكشف بأن "جهاز تصوير "ضليل وبسيط" معطل منذ أربع سنوات، ويوجد جهازين غيره لكنهما يتعطلان أيضا، والدور يصل إلى 10 أيام للحصول على صورة، آما حالات استسقاء الكلوي فإننا نمشيه فوراً.."
والأجهزة التي يحتاجها قسم الأشعة بحسب زيتوني" جهاز تصوير صدر وعمود رقبة، لدينا جهاز لكن عمره أكثر من 30 عاما وعليه ضغط، البارحة تعطل واليوم تم إصلاحه، ونحتاج إلى جهازين تصوير نقال للعظمية والحواضن، كي نستطيع تصوير المرضى في أقسامهم ، طلبناهما من الوزارة منذ سنه ولم نتلق جواباً، ونحتاج إلى جهاز رنين مغناطيسي، حيث انه لا يوجد بكل محتفظة السويداء مثل هكذا جهاز".
أجهزة غير موجودة
في قسم العناية الاسعافية الذي يستقبل بين 60 -70 مريض شهريا يؤكد رئيس الممرضين مهران الدبس" نحن بحاجة ماسة إلى جهاز نقال لتصوير الصدر، الآن نأخذ المرضى إلى قسم الاشعة مما يعرضهم للخطر، ويعرضنا إلى الاشعة، لأننا نبقى قربهم أثناء التصوير لتأمين التنفس الاصطناعي لهم".
ويكشف عن وجود "جهاز معطل منذ 4-5 سنوات"، وينوه إلى ان أسرة المرضى قديمة وتقنياتها وحركاتها لا تناسب حالات العناية المشددة، ولا يوجد لدينا جهاز "مونيتير" مركزي، ونحتاج إلى مضخات تسريب ادوية، حيث لا يوجد بالمشفى سوى جهازين..".
أما قسم العناية القلبية الذي يتسع لـ42 مريض، فإن جهاز اختبار الجهد معطل منذ 6 اشهر بسبب كثرة الاستخدام وهو الجهاز الوحيد بالمشفى بحسب رئيس الممرضين بالقسم حسان الخطيب الذي أضاف" نحتاج إلى وحدة مراقبة "مونيتير" ونحتاج إلى منافس فلا يوجد لدينا سوى واحدة وهي لم تدخل العمل لانه لا يوجد مَنْ يعمل عليها، ونحتاج إلى 8 مضخات..!".
في قسم العمليات العامة حيث يتم إجراء بين 25 إلى 30 عمل جراحي يوميا، فان بعض طاولات العمليات قديمة والأضواء التي تكشف" ساحة العملية" لا تعمل بالشكل المطلوب وفقا لرئيسة الممرضين بالقسم فريال نصرالدين التي أضافت" هذا ليس قسم عمليات كل شخص يستطيع ان يدخل متى يريد وبالطريقة التي يريد، انا لا استطيع ان اقف شرطي، حتى الاطباء يدخلون بلباسهم المدني.." وفعلا لاحظنا وجود "كادر طبي" حول مريض في غرفة العمليات يرتدون في أقدامهم أحذيتهم العادية دون اي واقٍ، وتنتشر على الارض شراشف ملوثة، ويلاحظ وجود بقايا شاش وأوساخ حول سلة المهملات في ممر القسم.
اما في قسم الكلية فانه لايوجد سوى 10 اجهزة غسل كلي، كل جهاز يغسل لنحو 4_5 مرضى باليوم، ورغم الضغط فان رئيسة القسم خلود بحصاص تعتبر بان العدد كافٍ (مع العلم انه لا يوجد بالمحافظة اي مشفى اخر تخصصي بالكلى)، لكنها تلفت إلى "عدم وجود معقم لتعقيم الأدوات الجراحية، نضطر إلى التعقيم بالأقسام الأخرى، مما يعرض الأدوات للسقوط اثناء النقل.."
وتمنت بحصاص" وجود ابر حديثة لمرضى الغسيل، بحث تغني عن فتح وريدين كما يتم الان"، واشارت إلى نقص ببعض الادوية (وان الفا) و(فينومنير)، وتحدثت زميلتها وعد قريشه في قسم الاطفال عن عدم وجود دواء (روسيف) مما يضطرهم إلى استخدام بديل، لكن حتى البديل غير موجود الان.
مراسلات بلا جواب
في كتاب( مرفق1) موجه من مديرية الصحة بالسويداء إلى وزير الصحة برقم 4181 تاريخ 9/6 /2009 تطلب المديرية تأمين نحو 48 جهاز لكل من مشفى السويداء ومشفى صلخد(يبعد عن السويداء نحو 30 كيلو متر) منها أجهزة تنظير جراحي وهضمية وتخطيط وايكو دوبلر قلبية وغيرها، ولغاية الان لم يتم تأمين اي من الأجهزة المذكورة.
وفي كتاب (مرفق 2) بتاريخ 2/4/2009 موجه من مدير المشفى د.مقلد إلى عضو القيادة القطرية من محافظة السويداء د. بسام جانبيه، يطلب اليه التنسيق مع الجهات المعنية لتوفير الاجهزة، دون نتيجة تذكر.
وفي اكثر من كتاب (مرفق 3) موجه من رئيس قسم المخبر في المشفى إلى مديرية مخابر الصحة العامة بدمشق يطلب" الرجاء بالسرعة القصوى تأمين".. نحو 36 جهاز لتغطية احتياجات المراكز الصحية والمشافي بالمحافظة.
ضيق وقلة نظافة
تصف رئيسة قسم التوليد سناء عماشة حالة القسم المصمم أساسا كمستودع" غير قابل للخدمة الانسانية (خنقه) المكيفات لا تعمل، لا تهوية ولا شبابيك والجميع يعاني من ضيق تنفس، المحافظ في جولته قال انه لا يصلح للاستخدام الانساني.."
اما قسم الاطفال (مؤلف من ثلاث غرف) اوضحت رئيسة القسم وعد قريشة "نضع بكل غرفة ثمانية أطفال بدلا من ستة، وفي الشتاء يصبح الضغط اكبر فنوزع المرضى على الأقسام الأخرى..".
قسم الأشعة يستخدم كمدخل للمشفى، وهو لم يرمم منذ عام 1958 وفقا لزيتوني الذي يصفه بأنه ضيق "جدا جدا واذا وقع حادث فإننا نضرب بعضنا البعض".
اما قسم العناية الاسعافية فهو غرفة واحدة عرضها لا يتجاوز ستة امتار، واشتكت الممرضات انهن يتقاسمن نفس الغرفة مع المرضى، ويأكلن فيها ولا يوجد مكان مخصص ليبدلن ثيابهن، (يقتطعن حيز صغير من الغرفة بشرشف) ولا يوجد اي عزل لا بين المرضى ولا بينهم وبين المرضى، ويستخدمن نفس الحمام الذي يجري تفريغ مفرزات اجهزة المرضى فيه ، مما يشكل خطر على حياتهن كما تقول الممرضة مرفت منذر.
وقسم الكلية يستخدم كممر بين كتلتي البناء، مما يجعل من الصعب ضبط النظافة وفقا لرئيسة القسم، وقسم العمليات له مدخلين مما يجعل من الصعب إحكام الدخول اليه.
اثناء جولتنا شاهدنا اكثر من قطة في قسم الأطفال، وبحسب الممرضة قريشه يوجد خمس قطط، وفي قسم الاشعة لم ينكر رئيس القسم وجود جرادين (يتم مكافحتها بمواد قاتله) وفي الممر بين كتلتي البناء شاهدنا بيض مكسور في الأرض، وبقايا شاش..واشتكت شقيقة المريضة عفاف من الغبار المتطاير اثناء قص الرخام أمام غرفة العمليات مباشرة حيث كانت تنتظر شقيقتها..
مدير المشفى د.عدنان مقلد اهتم بكل الملاحظات التي وثقناها في جولتنا وأوضح بأن "البناء بالأساس تركيبته غلط، يوجد 16 مدخل للمشفى ولا يوجد سور، واتت عملية الترميم مع الاستمرار باستقبال المرضى لتزيد الأمر تعقيداً.."
توزيع الكوادر الطبية..
يوجود 4700 موظف لدى مديرية صحة السويداء، ويوجد 90 مركز طبي ومشفى السويداء ومشفى صلخد، وفقط يوجد 12 قرية لا يوجد بها مركز طبي.
رغم هذا فان رئيسة المرضين في قسم الكلية خلود بحصاص تشتكي من عدم وجود " طبيب مقيم ليساعدنا في الحالات الاسعافيه، نحن نتصرف وفق معرفتنا كممرضين، ويوجد نقص في عدد الممرضين..".
ورئيس قسم العناية القلبية حسان الخطيب يقول" الكادر الطبي لدينا غير كاف، يوجد طبيب واحد وهو يغطي اكثر من قسم وحين يطلبونه إلى الإسعاف يترك مرضانا ويذهب مما يشكل خطر على حياتهم.."
من المعروف وفقا لمدير المشفى د. مقلد بان الاطباء بعد الجولة الصباحية اي الساعة العاشرة ونصف صباحا أو الحادية عشر بأحسن الاحوال يغادرون المشفى إلى عياداتهم الخاصة، "كل الجهات تعلم هذا" على الرغم من انهم موظفين لدى وزارة الصحة اي ان دوامهم الرسمي ينتهي في الثالثة والنصف بعد الظهر، واذا احتاج المشفى لطبيب يطلبه على الهاتف، ومبررهم بحسب مقلد هو تدني الرواتب.
اما الأطباء المقيمين ايضا عددهم غير كاف، وتراجع من 120 طبيب عام 1995 إلى نحو 55 طبيب بكل المراكز الطبية بالمحافظة، ويعتقد د.مقلد بان احد الاسباب هو السماح للطبيب المقيم بالسفر إلى السعودية (وفق اتفاق خاص)، بحيث يستطيع ضم الإقامة هناك إلى خدمته هنا، وفرق الرواتب جعل كثيرين منهم يفضلون السفر وإنهاء سنوات الإقامة هناك.
اما عن الممرضين وباقي العناصر، فانه من المعروف وفقا لمدير المشفى بان توزيعهم على المراكز الصحية في قرى المحافظة، لا يتم وفق الحاجة، حيث نجد ان هناك 125 موظف في مركز قرية (الثعلة) و115 موظف في مركز (القريا)، وكذلك باقي المراكز.
وبحسب مصدر مطلع فان بعضهم يجلب معه كرسي من بيته ليجلس عليها، لان المركز لا يتسع لهم، وهم يقتسمون الدوام، كل موظف يداوم يوم واحد بالأسبوع.. مدير المشفى ينقل عن وزير الصحة السابق قوله بانه عجز عن نقل ممرض من مركز في إحدى القرى إلى المشفى، حيث لم يبق شخص الا وتدخل من اجل عدم نقله، والحل برأي المدير " فليمنحونا القرار ونحن نتصرف.."
سوء إدارة أم أكثر..؟
رغم كل المشاكل التي يعاني منها المشفى، لم يكن ممكنا تجاهل حديث مدير الصحة د. امين بدرية ومدير المشفى د. مقلد عن المصعدين اللذين قررت لجنة فنية تنسيقهما، ليكتشف موظف بان إصلاحهما ممكنا، وعن شراء الأدوية بأسعار مرتفعة.
المصعدين وفقا للرواية تعطلا بعد تركيبهما بأشهر،(تقدر قيمتهما الان بنحو 30 مليون) واستمر تعطلهما نحو 7 سنوات، وحين تقرر إصلاحهما، ضمن عملية الترميم الجارية بالمشفى، تم استدعاء المتعهد (بسام السبع) المتعاقد مع الوزارة وهو من قام بتركيبهما بموجب عقد مع وزارة الصحة، لم يقبل السبع بحسب مدير الصحة اقل من 50 الف فقط اجرة الكشف عليهما، وبعد الكشف خلص إلى انه يجب تحويلهما إلى نصف الي بدلا من الالي، وبان هذا التحويل سيكلف نحو مليونين ليرة..
تشكلت لجنة لدارسة الامر ( الانشاءات العسكرية والدراسات) وخلصت إلى انه من الأفضل تنسيق المصعدين وشراء مصعدين جديدين، وتم التعاقد فعلا مع الإنشاءات على نزع المصعدين وتركيب آخرين محلهما بقيمة 4 مليون.
لكن موظف الصيانة في المشفى (مأمون ابو عمار) ألح على مدير الصحة كي يعرض على احد معارفه وهو مهندس مختص بالمصاعد، وذلك قبل توقيع العقد مع الإنشاءات باسبوع، وفعلا اتى المهندس، ولاحظ بان المصعدين يعودان إلى شركة (كوني) وليس لشركة(سبيم) التي اشترى المتعهد منها المصعدين، وزود الصحة بأرقام هواتف الشركة، فتم الاتصال بها، وأرسلت الشركة لجنة وكشفت على المصعدين، وحددت بان عطلهما بسيط، ويمكن إصلاحهما خلال ايام، وتم التعاقد بمبلغ 375 الف، وعاد المصعدان إلى العمل..".
اما عن الشاش يكشف مدير المشفى د.مقلد، "لقد غيرنا طريقة الشراء من الطريقة المباشرة إلى طريقة العقود، حيث كانت الادارة السابقة تعتمد الطريقة المباشرة في 80% من عمليات الشراء، نحن قلبنا المعادلة، فمثلا كانوا يشترون شاش سنويا بقيمة 12 مليون، دفعة وراء اخرى، كل دفعه تكفي لأسبوع أو اسبوعين فقط، والأسعار مرتفعة بحجة انهم يشترون من قطاع الدولة (فارمكس)، نحن استطعنا ان نشتري نفس الكمية بـ3 مليون..! وعاملنا فارمكس كما غيرها من الشركات".
ويكشف د.مقلد" كانوا يشترون السيرنك الواحد بقيمة 4 ليرات، ونحن الان 1.80 قرش، استطعنا توفير 5 مليون بالسيرنكات فقط.. هم كانو يشترون احد الادوية بـ110 ل.س بطريقة الشراء المباشر، ونحن نشتريه الان بـ27 ل.س..."
ترميم وانتقادات..
في كل قسم بمشفى السويداء الذي يتسع لـ400 مريض تسمع قصة مختلفة عن الأخرى والجامع بينها نقص التجهيزات الطبية وعدم تحديث القديم منها وضيق الاماكن، ونقص الكادر الطبي وعدم التزام الأطباء بدوامهم، ومع كل هذا فان مئات المرضى خاصة من ذوي الدخل المحدود يقصدون المشفى ويتم تلبية حاجتهم وفق الامانيات الموجودة.
يشهد المشفى (تم بناؤه ايام الوحدة 1958)عملية ترميم بقيمة 400 مليون ليرة، توقفت لزمن، ثم استؤنفت من قبل الإنشاءات عام 2004 ومازالت مستمرة ويتوقع لها ان تنتهي مع نهاية العام بحسب مدير المشفى.
على الرغم من أهمية هذا المشروع الترميمي المكلف، الذي يعتني بالبناء كبناء دون المحتويات، فان بعض المهتمين بينهم مدير المشفى ومعاونه يعتقدون انه كان من الأفضل ازلة البناء بالكامل وإقامة اخر بدلاً منه، لان "المشفى بالأساس تصميمه خطأ بخطأ والترميم الحالي لن يحل المشكلة".