07 ديسمبر، 2008

الـــدين لنا أم عــــلينا

يقال أن الله موجود في كل مكان، وتحديداً في قلوب من أمنوا به وامنوا بوجوده، ويقال أيضاً أن الله ليس بحاجة إلى واسطة ولا يمتلك عدة طرق أو لنقل مفارق للوصول إليه ... طريق واحد يمكنك من خلاله بلوغه ألا وهو طريق القلب والإيمان به في كل لحظة من عمرك.

هذا ما يقال .. وهذا ما تعلمناه، عبر سنوات حياتنا في مدراسنا التعليمية أو الدينية أو من خلال الأسرة والمجتمع، أي أن صورة الوصول إلى الله تعالى سهلة لاتحتاج إلى الكثير من التعقيدات والالتفافية للتواصل مع من خلقنا وكان سبب وجودنا.

والدين كان ومازال هو صلة الوصل بيننا وبين الخالق "عز وجل" في مجال التعليمات والقيم التي أرادنا السير عليها لبلوغ الحياة الأفضل، أي أن ما ذكر في الكتب السماوية كانت عبارة عن تعليمات يريد بها الخالق عز وجل إرشادنا نحو الأفضل، لكونه خالق هذا الكون وصانعه.

لكن الدين بات ومع مرور الأيام لمجرد وسيلة لفرض الهيمنة على المجتمعات... هيمنة يستخدمها الغير للسيطرة على زمام الأمور ( سياسية أو فكرية .. الخ)، ووسيلة لكتم الأنفس بدلاً من صعودها ونزولها بشكل طبيعي، وبات وسيلة لكتم أو منع أي شيء مناهض لسياسة جماعة معينة أو معارضٍ لتفكيرهم وأسلوب سيرهم.

فاليوم نجد أن أبراجاً تدمر بساكنيها، وأناساً يهجرون من أراضيهم تحت اسم الوطن الموعود ودينهم المختار، وهناك من يجلدون ويقتلون تحت اسم الشريعة ومخالفتها، في حين اختفت النساء خلف عباءاتهم ساكنين جحوراً فكرية وعقلية صنعها المجتمع والأفراد تحت عناوين مختلفة منها الأخلاق التي قال الدين عنها وفسروها وفق أهوائهم.

لكن السؤال الذي يكمن هنا ... أين سلطة العقل من كل هذا؟

فالعقل هنا نراه مغيباً تماماً، وبات متبوعاً لسلطات بشرية تسير ما أنزل من الله وفق أهوائها، وتحلل ما تشاء وتكفر من تشاء باسم الله والدين وبات هناك أشخاص يطبقون شريعة الله على الأفراد تحت أسماء مختلفة كـ ( سلطة الأمر بالمعروف – تنظيمات الإسلامية – وولاية الفقيه) وغيرها التي حكرت اسم الله وتعليماته وفق أهوائها وتشريعاتها.

فهذا العقل الذي وهبنا الله إياه لنفكر به ونحتار ما هو صحيح وما هو خاطئ وأعطانا الفرصة لنخطئ كي نتعلم من أخطائنا ولغفر لنا ما قمنا به لا أن يعاقبنا البشر أمثالنا بالعصا والرجم والقتل بمختلف الطرق لكوننا أخطئنا أو خالفنا التعاليم السماوية التي انزلها الله بكتبه السماوية المختلفة، فضلاً أن الله عندما أراد أن يهدي البشر أرسل لهم الرسل ليهديهم وليوجههم نحو الطريق الحق ألا وهو طريق التوحيد أي انه اتبع معهم طريق المنطق ولغة التخاطب مع العقل وترك لهم في النهاية حرية الخيار ووعدهم بالأحسن إذا اهتدوا وبالسيئ إذا كفروا وكانوا ظلاماً لأنفسهم وللآخرين ... أي انه لم يأتي بعصا يقتل ويجلد ويذبح ويدهس من يخالفه بشكل همجي كما تقوم بعض الجماعات من متخلف الأديان والمذاهب...

أي أنني هنا أريد أن أصل لنتيجة مفادها ... أن الله ميزنا عن باقي مخلوقاته بالعقل ... وطلب منا فهم رسائله والتواصل معه عبر هذه الميزة التي ميزنها بها ... لا أن نقول بإلغائها من خلال التبعية للأخر وفرض مايرده علينا وإبعادنا عن طريق الله الحق ألا وهو طريق التوحيد...

مالك أبو خير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق