21 يونيو، 2009

بعد أكثر من 63 عاماً على رحيلها ...مشروع متحف اسمهان ما زال حبراً على ورق!


فريال أبوفخر

عن موقع كلنا شركاء

21/6/2009


منذ فترة تحدثت إذاعة مونتي كارلو ومحطة العربية ضمن نشرة أخبارها وكثيرين من الصحف المحلية والعربية عن موافقة وزارة السياحة على تحويل منزل المطربة أسمهان في السويداء إلى متحف فني يضم تراث هذه الفنانة من صور ومقتنيات شخصية بالإضافة إلى الأرشيف الموسيقي والشخصي لشقيقها الفنان فريد الأطرش وإقامة مسرح بالهواء الطلق إعادة ما يشبه حفلات شم النسيم الذي أبدع فيه الموسيقار فريد الأطرش.


من شاهد وقرأ هذا الخبر استبشر خيراً بأنه أصبح بإمكانه زيارة هذا البيت التاريخي العريق والذي يعود لفترة الأربعينات أثناء الاحتلال الفرنسي لسوريا حيث أشرفت أسمهان على تفاصيل بناءه وسكنته مع زوجها الأمير حسن الأطرش الذي كان يشغل منصب محافظ السويداء منذ عام 1936 – 1948.
ولكن الحقيقة وعلى أرض الواقع مازال هذا الكلام حبراً على ورق، وهذا البيت مازال مشغولاً من قبل وزارة الدفاع (الجيش الشعبي) الذي يرفض أن يخليه على الرغم من التسهيلات الكثيرة التي تقدمها وزارة السياحة ومديرية السياحة في السويداء.


بيوت فرنسية


يتوسط المنزل مدينة السويداء بإطلالة فريدة على ساحة تاريخية تسمى ساحة الشهداء ودوار قديم يسمى دوار السبع يتوسطه نصب يعتليه تمثال لسبع وضع بذكرى انتصار الحلفاء بمعركة العلمين عام 1937 ويقع ضمن منطقة تدعى الحي الفرنسي القديم يجاوره العديد من البيوت الفرنسية القديمة.
ويعتبر هذا المنزل الذي بني عام 1941 من ممتلكات الأمير حسن الأطرش زوج أسمهان وابن عمها ومحافظ السويداء ولا يزال مشغولاً منذ عام 1957 حين صدر قرار عرفي بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة للأمير حسن الأطرش ومصادرة الأثاث والمقتنيات العائدة لأسمهان وبيعها بالمزاد العلني إلى أن ألغي هذا القرار بحكم قضائي مبرم عام 2004 بعد أكثر من 30 عاماً على صدور قانون الاستملاك عام 1974.
* المهندس جهاد أبو زكي مدير سياحة السويداء سمعنا منذ فترة أن المديرية تستكمل إجراءات تحويل بيت أسمهان لمتحف للفن الأصيل وأنتم تؤكدون من جهتكم أن هناك مجموعة من المعوقات والصعوبات تحول دون تحقيق ذلك، بماذا تتمثل هذه المعوقات؟
** تتمثل المعوقات بإيجاد مكان بديل للجيش الشعبي لحين الانتهاء من بناء مقرهم والذي سيستغرق أربع سنوات، حيث قمنا بالبحث على هذا البديل لكي يناسبه وظيفياً من حيث الاتساع والمساحة والمرآب وإجراء التدريبات، فوجدنا المكان وهو شركة للخضار على طريق بلدة أسمها ولفا، ولكن المشكلة مادية مع هذه الشركة فقد طلبت مبلغ قدره 950 ألف ل.س سنوياً، فعملنا على محور آخر وهو تخفيض القيمة المالية (الأجار) عن طريق تشكيل لجان لخفض هذه القيمة من 950 – 500 ألف سنوياً. وهذه فرصة ممتازة كون المقر يتمتع بمساحة واسعة 5 – 6 دونم ويتألف من ثلاثة طوابق وأجاره الشهري ما يقارب 50 ألف ل.س كذلك تم رفض هذا العرض، ومن جهة أخرى يملك الجيش الشعبي بناء وسط المدينة ولكنه مشغول من قبل أحد الجهات وهذه الجهة كذلك رفضت الإخلاء على الرغم من أننا قمنا بتأمين مكان بديل لها كونها لا تحتاج إلى أكثر من 3 – 4 غرف.
هناك حل قيد التفكير ولم أقم بطرحه بعد وهو تأمين مبلغ مليونان ل.س على مدار الأربع سنوات عن طريق منحة أو تبرع أو.. أو.. لا أعرف الطريقة بالضبط ودفعها للجيش الشعبي، إنها محاولة لحين الانتهاء من بناء مقرهم الذي سيستغرق أربع سنوات.
المشكلة أن وزارة السياحة قانونياً لا تستطيع دفع مليم واحد خارج نطاق صلاحياتها، نحن بحاجة إلى قرار أعلى يشمل وزارة السياحة ووزارة المالية للبت في هذا الموضوع على الرغم من أن أقل معرض في وزارة السياحة يكلفنا من 10 – 20 مليون.
وهناك الكثير من المغتربين في محافظة السويداء الذي لا يشكل مبلغ المليونان جزء بسيط من ثرواتهم لإنجاز هذا المشروع الذي سيشكل بصمة بتاريخ أي إنسان عاشق للأصالة والفن ولم يعد هذا المشروع يخص الدولة وحدها بل هو مشروع إنساني للتراث الفني والحضاري والموسيقي.


فسحة سماوية


تأتي أهمية هذا المشروع باعتباره نقطة جذب سياحية وثقافية وفنية ذات قيمة عالية خاصة وأنه سيضم متحفاً لعمالقة الفن الأصيل وقاعة للتراث الفني ومسرحاً في الهواء الطلق للعزف المنفرد والعروض الموسيقية ومقراً للمهرجانات السياحية. كما تبلغ أهمية هذا المنزل الذي يتربع على مساحة تبلغ 1.5 دونماً ويتألف من طابقين من القرميد وفسحة سماوية وحديقة خضراء، من كون الفنانة أسمهان قد أشرفت بنفسها على الكثير من تفصيلاته المعمارية والداخلية على الطراز الفرنسي القديم، وأحيت فيه حفلاً فنياً ساهراً ونادراً احتفالاً بهذا الصرح حضره الزعيم الفرنسي شارل ديغول وعدد من الزعماء العرب.
* الكاتب والمخرج ممدوح الأطرش بعد أكثر من 63 عاماً على رحيل أسمهان تعمل مديرية السياحة في السويداء على توظيف منزلها ليكون مركزاً لجذب كبار الفنانين واستقطاب رجال الفكر والثقافة ليس فقط من سوريا وإنما من مختلف دول العالم، ماذا تحدثنا عن هذه الخطوة؟
** حسب معلوماتي صدر منذ فترة قرار من وزارة السياحة لتحويل منزل أسمهان إلى متحف فني يضم إرثها الفني بالإضافة إلى أخيها فريد الأطرش، نتمنى أن تستعجل هذه الخطوات لتنفيذ هذا المشروع فالإرث الفني لأي فنان هو إرث لبلد ولتاريخ وما أجمل أن يكون للفنان مكان في بلده للمحافظة على هذا الإرث وتقديمه وعرضه للآخرين، فأسمهان وفريد الأطرش كان لمها دور كبير بتاريخ العطاء الفني إن كان فريد بمدرسته الموسيقية أو أسمهان بصوتها الذي لم يخلف حتى الآن ولم يفقد من الشارع العربي رغم مرور هذه الفترة على مماتها.


نقل الجثمانان


الأستاذ سلمان البدعيش رئيس جمعية أصدقاء الموسيقا والتي تعنى بالتراث الموسيقي العربي والعمل على إحيائه ونشره وتطويره قال: إن إقامة هذا المتحف هو أمنية شخصية بالنسبة لي وأرجو أن تتحقق فأسمهان وفريد هذان العملاقان في الموسيقا والغناء يستحقان أن يقام لهما متحف يضم تراثهما الفني من موسيقا وغناء وأفلام وتسجيلات صوتية ويبين مسيرة حياتهما. نحن كجمعية سوف نعمل على المطالبة بنقل جثماني الفقيدين إلى سوريا وإلى مسقط رأسهما ليكونا بجانب هذا المتحف الذي نأمل أن يقام، ونطالب وزارة السياحة أن تضع خذا البيت بعد استملاكه تحت تصرف أناس مختصين وقد تكون جمعية أصدقاء الموسيقا لجمع ما تبقى من تراث هذان الفنانان مع العلم أن وزير السياحة الدكتور سعد الله آغا القلعة متحمساً جداً للفكرة. وتبقى الخطوات العملية لاستكمال عملية الاستملاك، أما حالياً فتعمل الجمعية على إحياء ذكرى فريد الأطرش وأسمهان باحتفال يُقام سنوياً في المحافظة يشارك فيه فنانون وباحثون ونقاد ومهتمون من أنحاء الوطن العربي. ولقد احتفلت جمعين أصدقاء الموسيقا بذكرى فريد الأطرش وفهد بلان في شهر 12 لعام 2007 برعاية السيد محافظ السويداء على أحمد منصورة الذي يشجع ويدعم إقامة مثل هذا النشاطات ولكن اقتصر الاشتراك في هذا النشاط على فنانين ومطربين وموسيقيين من داخل القطر ونأمل بالمستقبل أن يشمل هذا النشاط فعاليات من الوطن العربي وأن يكون الاحتفال مركزياً وسنوياً في محافظة السويداء.


إمارتان


المحامي ماجد الأطرش قال: لقد كانت الأميرة آمال الأطرش (أسمهان) من عمالقة الفن والطرب في القرن الماضي تألقت أغانيها واستقرت في ضمير الناس وذاكرتهم، ومنذ طفولتي الأولى تمتعت بالاستماع إلى أغانيهما عبر الحاكي (الفن غراف) وسُعدت برؤيتها وهي ؟؟؟؟؟ في الجبل، تتبادل التحيات والابتسامات مع أعمامها وذويها في السويداء، وكم كنت شغوفاً بها وبالشامة الطبيعية التي تزين أسفل خدها وبعينيها الخضراوين المظلمتين بنوع من زرقة السماء وبنبرات صوتها وهي تنطق بقدرة فائقة على التعبير. لقد كان في حياة أسمهان أكثر من إمارة، الأولى عندما أصبحت أميرة للفن والطرب في مصر ؟؟؟؟؟ والثانية عندما تزوجت من ابن عمها الأمير حسن الأطرش عام 1933 حين صارت تعرف بأميرة الجبل، وقد كانت الصحف والمجلات تحل بالأخبار عن عدلها وعن عشقها للفروسية والخيول العربية الأصلية. لقد ارتفع نجمها في السويداء وقرى الجبل وتوافد الناس من ذوي الحاجات على دارها فوقفت إلى جانب زوجها الأمير حسن الأطرش وقفة نبيلة وذكية في تصريف شؤون الناس وتلبية مطالبهم، كما أنست لها النساء فصارت قاضيتهنّ ومستشارة لهن، والمظلومات ينشدن وقفتها إلى جوارهنّ، وما أكثر ما كانت تمتطي جوادها وتتنقل إلى قرى الجبل ويخرج الشباب لاستقبالها بالأهازيج والأغاريد ؟؟؟؟؟ والصبايا أمامهم يقرعن الدفوف. لم يختلف اثنان في جمال صوتها ورقي موهبتها وقد قالت الكاتبة سمر طه في مجلة العربي عن صوتها إنه (يتلألأ كلما صدح عالياً ويرن بقوة وينطلق بشحنات نغمية صحيحة وانحناءات وإنشادات دافئة شجية رقيقة حنون سواء في بلوغها وعلوها أعلى الدرجات في السلم الموسيقي أو هبوطها إلى القرار فهو في كل المحطات والدرجات يتمتع بمستوى واحد ممتاز لا ينقلب ولا يتذبذب يصيب الوجدان بسهم نافذ كما يصيب سهم كيوبيد قلب المحب العاشق). وبناء على ذلك نتمنى إقامة مثل هذا المتحف للمحافظة على التاريخ الفني.


بيت جدي


ونظراً لأهمية المنزل بصفتيه التاريخية والفنية ولاهتمام المجتمع برموز تاريخية في الفن العربي لما تشكله من قيم فريدة غير قابلة للتكرار تم تأهيل هذا المنزل كمتحف للفنانين أسمهان وفريد الأطرش، إلا أن قسم من عائلة آلا الأطرش وخاصة الورثة يعتبرون أن هذا المنزل ملك لجدهم الأمير حسن الأطرش وليس لأسمهان وهو مطوّب باسمه على حد تعبير أحد أحفاده السيد جهاد زيد الأطرش الذي قال لنا: هذا البيت لجدي الأمير حسن الأطرش وليس للأميرة آمال الأطرش (أسمهان). ولقد تحدث إلينا السيد محافظ السويداء علي أحمد منصورة من أجل استملاك هذا المنزل وتحويله إلى متحف للفنانين فريد وأسمهان ونحن وافقنا على هذه الخطوة الرائعة التي ستؤرخ لفنانين عظيمين في تاريخ الفن العربي ولكن شرط أن يكون المبلغ الذي سيدفع للورثة معقولاً ويناسب الجميع، بمعنى آخر أن يتم التعويض بالسعر المماثل للأراضي والعقارات الواقعة حوله كون البيت يقع في مركز المدينة، وأسعار العقارات في هذه المنطقة عالية جداً.
وأضاف السيد جهاد الأطرش: نحن نشجع هذه الخطوة وإقامة هذا المتحف الذي سيضم الإرث الفني لهؤلاء العمالقة وإقامة مسرح بالهواء الطلق لإعادة ما يشبه حفلات شم النسيم التي كان يحييها المبدع فريد الأطرش.


شم النسيم


لقد كان الناس على موعد في كل عام وبالتحديد في الثالث والعشرين من نيسان لاستقبال حفل شم النسيم، ومنذ انطلاقته وحتى وفاة فريد الأطرش كانت أغنية (الربيع) إحدى أهم فقراته الغنائية حتى أن الناس أطلقت عليه حفل الربيع لتغنى على مدار خمسة وعشرين عاماً دون انقطاع فكانت أهم العلامات الموسيقية الشرقية الخالدة في موسيقانا العربية ولم يبق فنان عربي إلا وامتدح هذه الأغنية.
وعيد الربيع أو شم النسيم و أقدم احتفال شعبي عرفه التاريخ بداية من قدماء المصريين منذ أكثر من خمسة آلاف سنة فجذوره فرعونية وامتد عبر العصور وأضيفت له طقوس ودخلته معتقدات أخرى، ولم يكن الاحتفال بعيد الربيع لدى قدماء المصريين مجرد احتفال ترفيهي يهتم فيه القدماء بالخروج إلى الحدائق وتناول المأكولات المرتبطة بهذه المناسبة والتي يرمز كل منها إلى اعتقاد معين لديهم بل هو احتفال ديني وروحي أيضاً حيث كانوا يتصورون كما ورد في بردياتهم المقدسة أن ذلك هو أول الزمان أو بدء خلق الكون وأطلقوا عليه الكلمة الفرعونية (شمو) أي عيد الخلق أو بعث الحياة، وتعرض الاسم للتحريف على مر العصور وأضيفت إليه كلمة (النسيم) لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو وطيب النسيم وما يصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج إلى الحدائق والمنتزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة، وتعوّد المصري القديم أن يبدأ صباح هذا اليوم كما جاء في البرديات القديمة إهداء زوجته زهرة من اللوتس وكان القدماء يطلقون على هذا اليوم عيد الربيع وترتبط أعياد المصريين دائماً بالظواهر الفلكية وعلاقتها بالطبيعة ومظاهر الحياة التي يعيشونها.
ومن المعروف أن لشم النسيم أطعمته التقليدية الخاصة وما ارتبط بها من عادات وتقاليد وأصبحت جزء من الاحتفال بالعيد نفسه والتي انتقلت من المصريين القدماء عبر العصور لتفرض نفسها على أعياد الربيع في أنحاء العالم القديم والحديث حيث تشمل قائمة الأطعمة المميزة لمائدة شم النسيم البيض والفسيخ والبصل والخس، حيث بدأ ظهور البيض على مائدة أعياد الربيع مع بداية احتفال المصريين بشم النسيم وهو عند القدماء المصريين يرمز إلى خلق الحياة بخروج الحياة من البيض وكانوا ينقشون عليه الدعوات والأمنيات بألوان مستخلصة من الطبيعة ويجمعونه في سلال من زعف النخيل الأخضر ويتركون في شرفات المنازل أو يتم تعليقها على فروع الأشجار بالحدائق حتى يتلقى بركات نور الإله عند شروقه فيحقق دعواتهم.


وقد أخذ العالم عن مصر القديمة أكل البيض في شم النسيم فصار البيض الملون هو رمز عيد الفصح الذي يتزامن مع شم النسيم وقد اشتهر عن الملكة ماري ملكة اسكتلندا أنها كانت ترسل إلى أصدقائها في عيد الفصح البيض الملون المصنوع من الحلوى، أما الملكة فكتوريا فكانت ترسل لأصدقائها بيضاً حقيقياً مسلوقاً وملوناً ومنقوشاً عليه بعض الأقوال المأثورة التي كانت تهواها.

أما البصل فقد ظهر ضمن الأطعمة التقليدية للعيد أيام الأسرة السادسة وارتبط ظهوره كما ورد في إحدى برديات أساطير منف القديمة التي تروي أن أحد ملوك الفراعنة كان له طفل وحيد أصيب بمرض غامض أقعده عن الحركة لعدة سنوات وعجز الأطباء والكهنة في معبد منف في علاجه.


ولجأ الفرعون إلى الكاهن الأكبر لمعبد أون معبد إله الشمس والذي أرجع سبب مرض الابن إلى سيطرة الأرواح الشريرة عليه وأمر بوضع ثمرة ناضجة من البصل تحت رأس الأمير بعد أن قرأ عليها بعض التعاويذ كما علق على السرير وأبواب الغرف في القصر أعواد الأخضر لطرد الأرواح الشريرة وعند شروق الشمس قام بشق ثمرة البصل ووضع عصيرها بأنف الأمير الذي شفي تدريجياً من مرضه ومنذ ذلك الوقت اعتبره الفراعنة من النباتات المقدسة.
أما الخس فهو من النباتات المفضلة التي تعلن عن حلول الربيع باكتمال نموها وعرف ابتداءً من الأسرة الرابعة حيث ظهرت صوره في سلال القرابين بورقه الأخضر الطويل.

" المرأة الإيرانية " نزع لغطاء الرأس ... ولو سراً


مالك أبو خير

(نشرت على موقع كلنا شركاء)

تعتبر الأحداث القادمة من الجمهورية الإيرانية الشغل الشاغل لمعظم وسائل الإعلام العربية والغربية، لكون ما يجري يعتبر سابقة لم تحدث في هذه الجمهورية العظمى منذ قيام الحكم الإسلامي بها وحتى يومنا هذا.
فقسوة الأحداث والتصادم العنيف الحاصل بين القوات التابعة للنظام الإيراني والمتظاهرين تصدرت اغلب الأوقات التلفزيونية للكثير من وسائل الإعلام العربية والغربية، ولدرجة أن بعض هذه الوسائل خصصت جزءاً كبيراً من نشراتها الإخبارية لنقل الصور الواردة تباعاً عبر المواقع الكترونية المعارضة للنظام الإيراني، وفتحت باب النقاش لساعات عن تجربة جديدة في المجتمع الإيراني بدأت في ظهور أصوات معارضة لنظام ديني لطالما كانت سلطة الله العليا هي يده الضاربة على الأرض.


لكن البعض الآخر وجد أن هذه الانتخابات كانت بداية لانطلاقة جديدة للمرأة الإيرانية لم تشهدها منذ صعود السلطة الدينية إلى حكم البلاد بعد سقوط حكم الشاه، والتي فرضت منذ تسلمها مقاليد الحكم قوانين حددت حركة المرأة ضمن طوق من الأحكام الدينية يمنع تخطي خطوطها الحمراء تحت أي بند من البنود.


هذه الانطلاقة تمثلت بالعديد من النواحي أولها بشخص الدكتورة "زهرا رهنورد" زوجة المرشح الإصلاحي " مير موسوي " والتي أكدت خلال عدد من اللقاءات التلفزيونية أن "نزعها للحجاب سيكون تدريجياً"، وذلك كدلالة على بداية حملة تنادي بتحرر المرأة والحصول على حقوقها الضائعة بين سراديب السلطة الدينية، الأمر الذي كان من أهم الأسباب لوقوف المحافظين بوجهها ومهاجمتها بتهم مختلفة كان الكفر والخروج عن مبادئ الدين والتقلد بالغرب أهمها.


وعلى ما يبدو أن نزع الحجاب التدريجي لم يقتصر على زوجة المرشح الإصلاحي وحدها، بل امتد إلى اغلب الفتيات المتظاهرات والذين نالوا قسماً كبيراً من العنف الدائر بين الطرفين المتخاصمين، وتعتبر الصور ومقاطع الفيديو الواردة عبر الشبكة العنكبوتية خير دليل على ذلك، فقد عرضت إحدى هذه الأفلام مقطعاً لعدد من حراس النظام الإيراني وهم يتعدون بالضرب عبر عصيهم الغليظة على فتاة جامعية مشاركة في إحدى التظاهرات الطلابية فيما تقوم هي بالدفاع عن نفسها و الرد عليهم من خلال لافته تحمل عليها عبارة ( نريد نساء إيران حقوقنا)، فيما وضحت لنا الكثير من الصور الواردة حجم العنف الجسدي التي لاقته الفتيات المعتصمات في شوارع طهران وفي داخل غرفهم الجامعية وصلت إلى حد حدوث تشوهات في وجوه البعض ووفاة واحدة "بحسب ما ارودته التقارير".


صراع في الشارع وضمن الشبكة العنكبوتية:


بعد إحكام السلطات الإيرانية زمام سيطرتها على حركة وسائل الإعلام المحلية والعالمية المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد، أصبح الانترنت ومواقع المعارضة التابعة للمرشح المعارض " مير حسين موسوي " المنفذ الوحيد لنقل الأخبار وتداولها عبر وسائل الأعلام، معتمدين سياسة الشبكات البشرية التي تعمل على نقل مجريات الأحداث للخارج بالصوت والصورة.


الملفت بالأمر هو التواجد الكبير للمرأة الإيرانية على هذه الشبكات، وعملها المتواصل على تدوين الإخبار والمشاهد الحية للإحداث الواردة عبر الهواتف النقالة والكاميرات الشخصية، والتي اعتبرها الكثير من هؤلاء الفتيات وسيلة هامة لنقل معاناتهم للخارج وتوضيح صورة المرأة الإيرانية الحقيقة والتي كانت وما زالت ترفض نظام القوانين الدينية المفروضة على حياتيها اليومية.


فقد صرحت إحدى الفتيات المتواجدات على موقع المرشح الإصلاحي " مير موسوي" أن مخاطرتها مع الكثير من زملائها في نقل الأحداث وتدوينها ليس لاقتناعها بفكر مرشحها الإصلاحي فقط، بل لكونها ترى أن اعتماده لحقوق المرأة الإيرانية ونفض الغبار عن حقوقها المطوية ضمن قوانين السلطة الدينية الدافع الأكبر في هذه المخاطرة.
في حين تقول أخرى:" ذوباننا ضمن قوانين السلطة الدينية الحاكمة حولنا لمجرد تابعات لخطابات دينية تحرك حياتنا كل يوم جمعة كما تشاء، جاعلة من القماش الأسود ستاراً نختبئ خلفه إلى الأبد، وهذه الحركة برائي ستكون الدافع الأول لنزع هذا القماش الأسود الذي طالماً كان سبباً هاماً في تبعيتنا لسلطة ذكورية اعتمدت الدين لفرض أهوائها وأرائها علينا".


ولعل الحجاب كان العنوان المشترك بين المظاهرات والقابعات خلف الشبكة العنكبوتية لما يشكله من عبء ثقيل بنظرهم على حياتهم اليومية وأسلوب أدائهم الحياتي لكونه مفروض بأمر من السلطة الدينية الحاكمة في البلاد، فقد أظهرت إحدى الدراسات الصادرة قبل انطلاق المظاهرات الحالية في إيران عدم اقتناع أكثر من 40% من النساء الإيرانيات بالحجاب المفروض عليهم، ولدرجة ذهب البعض لاعتباره وسيلة من وسائل النظام الحالي لتحويلهم لمجرد أغنام تسير خلف جلادها.


ولكن في النهاية ... وبغض النظر من هو الفائز في هذه الانتخابات، ومن هو الرابح في نهاية هذه الثورة المنطلقة في شوارع العاصمة طهران، فإن المرأة الإيرانية استطاعت بشكل أو بأخر إعلان فوزها على جميع من ألبوسها ثوبها الأسود لسنوات طويلة، من خلال التجرؤ ولأول مرة منذ زمن طويل في مواجهة نظام الدين وسلطة الذكر المختبئة خلفه، ولعلها بدأت تذهب نحو نزع حجابها ... ولو سراً.
نشرت على موقع كلنا شركاء:

بدلاً من خدمة المشاة..نفق البرامكة مخصص لصور نانسي وهيفا


مالك أبو خير

مشروع بلغت تكلفته الملايين من الليرات السورية، وذلك بهدف تأمين سلامة المواطن وعبوره بشكل آمن بين كلية الحقوق والجهة المقابلة لها والتي تشهد ازدحاماً شديداً للسيارات في أغلب أوقات اليوم لكونه عصب رئيسي للعاصمة دمشق.

نفق البرامكة ... وبعد الانتهاء من العمل به وبدلاً من وضعه في خدمة المواطن، ومن دون أن نقوم بالحديث عن معاناة المواطن التي تمثلت في قطع الطريق طوال ثلاثة أشهر في سبيل حفر هذا النفق وانجازه، تفاجئنا بوضعه تحت خدمة أناس آخرين يسرحون به عبثاً مشوهين معلماً حضارياً في أهم منطقة بدمشق.

معرض لبيع للصور:

النفق وبعد إغلاق بواباته بقرار من محافظة دمشق، تحول إلى مستودع لبيع صور الفنانين والمجلات الفنية، ليتحول أسفل الدرج كمستودعات لهؤلاء الباعة، وكأنه ملكهم الخاص، فإذا ما حاولت الاقتراب لتصوير ما يخزنوه في الأسفل سيهاجمونك بعبارات غير لائقة مع اتهامات منهم بأنك السبب في قطع أرزاقهم .

فضلاً أن هذه المستودعات لا تقتصر ملكيتها على بائعي الصور وحدهم، بل يشاركهم بها أصحاب البسطات الذين يأتون بعد العاشرة ليلاً والذي يقدر عددهم بأكثر من (20 بسطة) تمتد على طول الطريق المحاذية للنفق وحتى وكالة سانا.


حمامات عامة ... ومجانية:

بمجرد مرورك بجانب النفق، وتحديداً في الجهة المقابلة لكلية الحقوق تشتم رائحة كريهة منبعثة من أسفل الدرج والتي تحولت إلى مكان لقضاء الحاجات للعامة، بالرغم من وجود حمامات مأجورة وبأسعار زهيدة أسفل الجسر.

هذا بالإضافة لتحوله كمخبأ لعدد من الأطفال المشردين ومكان لمنامتهم، ودونما أي مسائلة من أحد، بحيث تجدهم في ساعات الصباح الأولى أسفل الدرج نائمين بأغطية من ألواح الكرتون التي يتركها أصحاب البسطات.


لحين انتهاء الصيانة:

مجلس المحافظة بدمشق وعند سؤالنا عن سبب الإهمال لهذا النفق أكد لنا أن الموضوع بيد قسم الصيانة لكون النفق الآن غير صالح لوضعه قيد الخدمة!.

رغم محاولاتنا الكثيرة للقاء أحد المسؤولين بهذا القسم، لم نحصل إلا على بعض المعلومات ومفادها أن قرار وضع النفق بالخدمة متوقف لحين انتهاء أعمال الصيانة وتصليح الأضرار التي يعانيها، مع العلم أن العديد من القاطنين بجانب النفق وأصحاب البسطات أنفسهم قد أكدوا لنا عدم قدوم أي من فرق الصيانة للنفق منذ أكثر من ثلاثة أشهر.

ولحين انتهاء الصيانة ... لابد لمجلس المحافظة أن يتدخل لوقف الاستخدام غير المسؤول للنفق من قبل بعض أصحاب البسطات (المتنفذين)، ومنع تحول هذه الخدمة الحضارية إلى مكان يأوي كل من هب ودب.

نشرت على موقع حكاية سورية: