18 يونيو، 2009

عالقة بين ثلاثة دول.. طفلة بانتظار قرار اعتراف والدها بها



مالك أبو خير

"أحلام" مواطنة عراقية كغيرها من العراقيين ... هي ضحية من ضحايا الحرب القائمة على أرضهم، هربت إلى دمشق بعد زواج قصير لم يدم أكثر من ثلاثة أشهر، فقد ُقتل زوجها الذي يعمل في سلك الشرطة على أيدي رجال ميليشيا "جيش المهدي" التي تعتبر كل من يعمل في سلك الشرطة عميلاً وخائناً يستحق الموت.
في دمشق أصبحت أحلام غريبة تماماً فهي لا تعرف من طرقاتها ولا سكانها من يدلها طريق العودة لمنزلها الذي استأجرته في إحدى ضواحي العاصمة إن تاهت يوماً عن العودة إليه. لكن دمشق تبقى ملاذا يقيها أن تلاقي مصير زوجها.

في دمشق أيضا كانت حياة جديدة بانتظارها لم تألفها سابقاً، فتوجهت للبحث عن عمل لتغطية احتياجاتها، ضمن ورشات الخياطة وغيرها من المهن اليدوية لتأمين مصاريف الإيجار واحتياجاتها اليومية معتمدة على المردود المادي البسيط التي كانت تحصل من تلك المهن.



الحمل بداية المشكلة



تجربة زواج جديدة أخرى كانت بانتظار أحلام عندما تزوجت من شخص سعودي يعمل بين سورية والسعودية، إذ لم يكن لديها خيارات أخرى تحميها مما هي فيه، فتزوجته على الرغم من الشروط القاسية التي
فرضها كأن يكون هذا الزواج سراً حفاظا على حياته العائلية، وتفادياً للمشاكل التي قد تسبب له من قبل زوجته وأولاده عند معرفتهم بهذا الزواج.
في بداية هذا الزواج كانت الأمور بأفضل أحوالها من اتصال متواصل للاطمئنان على أحوالها، ومبلغ مادي جيد يرسل لها كل شهر يكفيها ويؤمن احتياجاتها، لتنقلب الأمور رأساً على عقب بعد علمه بأمر حملها. فالرجل الذي انتشلها مما هي فيه كما صور لها الأمر، لن يقبل فكرة إنجاب طفل من زواج لا يعني له أكثر من الاستمتاع ولن يسمح بجعله عبئاً هو بغنى عنه.
المشكلة الحقيقية بدأت عندما رفض العودة إلى سورية، ثم طالبها بإجهاض الجنين، وعندما رفضت توقف عن الاتصال بها تاركاً إياها تلاقي مصيرها ومصير جنينها وحيدة.
تقول أحلام: "بعد ولادة طفلتي تمكنت من الاتصال به وأخبرته بأمر إنجابي فرفض تحمل مسؤولياته، تجاه وليدته، وطلب مني عدم محاولة الاتصال به مجدداً، على الرغم من أني لم اطلب منه أكثر من الاعتراف بأبوته للطفلة كي أتمنك من استخراج جواز سفر سعودي لها يمكنني من العودة بها إلى العراق في حال قررت العودة. لأنه من غير المسموح لي العودة بها من غير جواز سفر خاص بها؟.



متاهة السفارة



بعد طول انتظار التقت أحلام السفير السعودي و شرحت له ما حصل لها، وبدلاً من أن يوجهها للطريق الصحيح ويساعدها في مشكلتها كان جوابه " هذا شأنك وليس شأني " ... فالقوانين لا تسمح لي بمساعدتك .. لابد من السفر للسعودية وتسجيل الفتاة هناك ومن ثم الحصول على جواز السفر" ... جواب اشترك به أيضاً السفير العراقي، رافضاً تقديم التسهيل لها بإدخال ابنتها للعراق، رغم امتلاكها كافة الأوراق القانونية التي تثبت أمومتها لها...
" هذا شأنك وليس شأني "... جواب اشترك به الجميع ...بدأ من زوجها والسفيرين، وإلى كل توجهت له على أمل مساعدتها للتخلص من الدوامة التي بات لاحل لها إلا بإتباع اسلوب التهريب عبر الحدود متحملة كافة المخاطر الناتجة عنها.

وضع محرج ... وألم في انتظار لحل أقوى من ألم المشكلة نفسها .. فـ"أحلام" تعيش الآن ضمن غرفة من أربعة جدران وبحالة مزرية... مع طفلة لم تتجاوز السنة من عمرها وحالة مادية وصلت حد الهاوية منعتها من تأمين أغلب مستلزمات طفلتها من حليب وغيره ..معتمدة على ما يأتيها من مساعدات من المحيطين بها في الوقت التي تحتاج لكل الرعاية والاهتمام، فيما الأب رفض أن يلبس ثوب الأبوة والإنسانية ولو للحظة واحدة ليتحمل مسؤولية زواجه، ليكون قرار العودة لوطنها متوقفاً على تفاصيل روتينية ومزاجيات القائمين على الموضوع.




نشرت في مجلة الثرى
http://www.thara-sy.com/thara/modules/news/article.php?storyid=640

هناك تعليق واحد:

  1. عديم الرحمه والانسانيه ,,وغير مهياء لتحمل المسؤوليه,,الله ياخذ هالاشكال من على وجه البشريه..

    ردحذف