18 يونيو، 2009

"مشروع التغذية المدرسية" الطعام .. مقابل الجلوس على مقاعد الدراسة

مالك أبو خير

"غذاء للأطفال.. ومعونات للأهالي" عنوانين تم ربطهما بعناية، من قبل وزارة التربية لتحقيق هدف واحد ألا وهو الحفاظ على أطفال منعتهم ظروف أسرهم المادية وانتشارهم في مناطق فقيرة من متابعة ما هو حق لهم .. وهو حق التعلم. هذا التعلم الذي بات مشروعاً من الصعب تحقيقه في مناطق يعيش سكانها أوضاعاً مادية صعبة وضعتهم تحت خط الفقر، وأجبرتهم على تجنيد كل فرد في الأسرة للعمل من أجل كسب قوت يومهم...


الوزارة رأت عبر تقديم وجبات غذائية لأطفال تلك الأسرة سيكون من العوامل التي تساعد على تقديم العون لهم أولاً وتخفيفاً لمشكلة التسرب المدرسي المتزايدة نتيجة ارتفاع الفقر وسوء الأحوال المعيشية.
الثرى تابعت المشروع والتقت الدكتور عبد السلام سلامة مدير التخطيط بوزارة التربية والمسؤول عن تنفيذه في الوزارة وأجرت معه اللقاء التالي

- في البداية نرجو أن تعطينا فكرة عامة عن تفاصيل هذا المشروع؟

يهدف "مشروع التغذية المدرسية" وهو الاسم الذي أطلقناه لهذا المشروع إلى تقديم معونات غذائية للأطفال الذين مازالوا في سن الدراسة الإلزامية بهدف الحفاظ عليهم من التسرب المدرسي، وخصوصاً بعد اضطرار أهاليهم لدفعهم نحو العمل بدلا من متابعة تحصيلهم العلمي، وتأتي هذه الفكرة لتقدم البديل عن عملهم بالتعاون مع "صندوق الغذاء العالمي" الذي يساهم معنا في إنجاح هذا المشروع، حيث تم دراسة المناطق الأكثر احتياجاً وفقراً بالتعاون مع هيئة تخطيط الدولة التي قامت برسم خارطة للمناطق الأكثر فقراً في سوريا وتم تحديد المنطقة الشرقية والشمالية التي سيتم انطلاقة المشروع فيها كونها تعاني فقراً يعتبر الأشد ضمن الأراضي السورية وتحديداً "الحسكة والرقة الدير زور وادلب وريف حلب".


كم يبلغ عدد الطلاب المستفيدين من هذا المشروع؟


سيشمل المشروع قرابة 22 ألف طفل في تلك المناطق و سيحصلون على معونات غذائية هي 25 كيلو من الطحين لكل طفل إضافة إلى قطعة "بسكويت" تحتوي على كافة المواد الغذائية التي يحرص المدرس على أن يتناولها الطفل يومياً.
وهذا المشروع أتى بالتزامن مع الاتفاقية التي حول " إحداث التربية للجميع" حيث تعهدت من خلالها بتخفيض نسبة التسرب في المدارس إلى أقل من 1% عام 2015 في سوريا استطاعت منذ إطلاقها قبل 3 سنوات وحتى الآن بتخفيض مستوى التسرب من 4.4 % إلى 2.6% وهذا يعتبر رقماً قياسيا إذا ما قارناه بالمدة الزمنية والصعوبات التي تواجهنا في تلك المناطق النائية.

- هل هذا يكفي لإعانة الطلاب؟

هذه مساهمة من الدولة وليس بإمكان الدولة أن تقدم كل ما تحتاجه الأسرة... فالفكرة الأساسية لهذا المشروع تقوم على جذب الأطفال وتأمين التغذية الملائمة لهم خلال دراستهم وبالتالي مساعدتهم على إكمال حياتهم الدراسية، فضلا عن تأمين بيئة صحية في المدرسة مع كادر تدريسي وصفوف جيدة .. أي توفير كل العوامل التي من شأنها جذب الطفل لمقعده الدراسي الذي رحل عنه لأسباب مادية ومعيشية قاسية.

فهذا المشروع يعتبر جزء متمم لخطة وزارة التربية الإستراتيجية التي تهدف إلى إعادة الطلاب لمدارسهم برغبتهم وبرغبة أهاليهم ونرفع شيئاً من العبء المادي الذي يقع على عاتق الأهل في تلك المناطق الفقيرة.

- هل هناك إمكانية للتفكير بزيادة المعونة الغذائية؟

هذه السنة يعتبر المشروع تجريبي وسندرس مدى نجاحه مع العمل على ملاحظة السلبيات وتفاديها في السنوات اللاحقة، كما سندرس مدى تجاوب الأطفال مع هكذا مشروع وما إذا كانت نسبة التسرب ستنخفض أم لا، فنحن في مرحلة انتقالية ...
نحن بحاجة لوقت لهكذا مشاريع جديدة بالتزامن مع تغير طرائق التعليم ونمط التفكير المعترف عليه سابقاً في المدارس .. وبالتالي فإن كل هذا لن يتم بسرعة في مجال التربية ويظهر تأثيره مباشرة بل يحتاج إلى فترة لظهور نتائجه.


هل هناك أية إجراءات مترافقة مع المشروع لترسيخه؟ أم لا يزال هناك تحديات تواجه وزارة التربية وتهدد بتوقف المشروع؟

الحكومة السورية في الخطة الخمسية العاشرة تعهدت بدفع موازنة التربية فرفعتها في السنة الأولى إلى خمسين بالمائة ومع نهاية هذه الخطة من المفترض أن تصبح 100% أي الضعف فهذه السنة رفعت بمقدار31% وبالتالي هي قابلة للتطوير وتقديم الأفضل لصالح الوزارة ومشاريعها.
لذا بإمكاننا القول أن كل ما يخص وزارة التربية في هذه المرحلة صار له صورة جديدة واضحة تدل على أن هناك تطوير .. والنتائج ستظهر بعد فترة ولو كانت طويلة حيث يمكننا أن نعدد مشاريع التربية في الختام بـ:
- إعادة تأهيل المعلمين
- مناهج جديدة
- استخدام المعلوماتية في التدريس
- متابعة مدارس الخيم والمدارس المتنقلة.

فعندما نقول هناك أكثر من 5 مليون طفل في المدرسة يعني ميزانية ضخمة .. كوادر ضخمة مدربة.. و صفوف حديثة وبالتالي نحن في مرحلة شهدت حوالي أربع سنوات من القفزات النوعية في التربية.

هل يمكن لهذا المشروع أن يتوسع ليشمل مناطق أوسع؟ أن أن ذلك يتوقف على النتائج المتأتية منه؟

أتوقع إذا استطاع أن يثبت المشروع جدواه فسيتمر الحكومة في الدعم لتقديم اللازم لهكذا مشروع، طالما كان قادرا على الوصول للنتائج التي ترجوها الوزارة والدولة فما المانع من متابعة دعمه واستمراره.
فالدولة تسعى جاهدة لتطبيق التعليم الإلزامي في كافة المناطق، ومثل هكذا مناطق تعاني الفقر لن نستطيع فرضه بالعقوبات وإنما من خلال تقديم المساعدات التي تساهم في تشجيع الأهالي لإرسال أطفالهم للمدارس والحصول مقابل ذلك على معونات غذائية تسد حيزا ولو قليلا من العوز المالي الذي يعانون منه، شخصياً أتوقع نجاح هذا المشروع واستمراره ما دام قادرا على تطبيق سياسية التعليم إلزامي، وبشكل يتناسب مع تقديم المعونات التي تساعد على الحد من العوز للعائلات المحتاجة.


تحديات كثيرة تواجه مثل هذا النوع من المشاريع، نظرا لحداثتها كتجربة و حاجتها توفير كادر مؤهل قادر على التنفيذ السليم والأمين في مناطق طالما كان الفقر عنواناً رئيساً لحرمان أطفالهم من الجلوس خلف مقاعدهم المدرسية.


نشرت في مجلة الترى:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق