18 يونيو، 2009

حديقة البيئة بدمشق تطلق اليوم العالمي للمرأة المطلقة

مالك أبو خير

نظرة سلبية... وحصار من الأهل و المجتمع .. سهام مصوبة وتهم جاهزة لكل تصرف من تصرفاتهم.. هذا هو حال كل امرأة مطلقة أو أرملة في مجتمعنا الشرقي. فكرة .. انطلقت من الهند .. في ذكرى وفاة والد مؤسس جمعية " راج لومبا" الذي رحل تاركاً زوجته الوحيدة في السابعة والثلاثين من العمر لتربي سبعة أطفال صغار .. ضمن معاناة اجتماعية ومادية شديدة. وقد تركزت فكرة جمعيته على مساعدة النساء الأرامل الفقيرات وتحديداً في عدد من بلدان العالم النامية اللواتي لا تتيح لهن أوضاعهن توفير الرعاية والدعم الكافي للاطفالهن.
أفكار ومبادئ الجمعية وصلت لدمشق على أمل تطبيقها كما انطلقت .. واختراق العادات والتقاليد التي التفت حول عنق المرأة ... مسلطةً الضوء على معاناتها التي استترت تحت بساط العادات والتقاليد .. وحرمة الأهل والعائلة.
ثلاث جمعيات حقوقية تبنت الفكرة .. وعملت جاهدة لتأمين أرضية مناسبة لها على ارض الواقع .. من خلال اختيار حديقة البيئة بدمشق، جمعية بداية "مؤسسة خاصة غير ربحية"... والمعنية في دعم وتحفيز الشباب ذوي الدخل المحدود كانت نقطة الانطلاق نحو تفعيل الفكرة داخل سوريا هي من بادرت بطرحها بالتعاون مع جمعية الشباب العالمية واحتضان من جمعية البيئة السورية.


- الشجرة المقدسة:


شجرة زرعت في وسط حديقة البيئة، كتعبير عن الأمل وتزرع في عيد الميلاد، تم اختيارها لتنمو على أمل أن ينمو معها قضية كل امرأة أرملة أو مطلقة، دون أن يكون النسيان مصيرها كباقي القضايا الإنسانية في مجتمعنا الذكوري، وسط شموع حملت على أيدي المشاركين، وهمسات هنا وهمسات هناك من النساء المشاركين كانت ترسل إلى إذن وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل "ديالا حاج عارف" أملاً في إطلاق مبادرات حكومية تساهم في تخفيف معاناتهم.
الوزيرة وكعادتها ردها كان متعاطفاً ... ومؤيداً ... وملازماً.. ومناصراً لقضيتهم مع تأكيدها أن قامت به وزارتها العتيدة كان كافياً لتأمين احتياجاتهم واحتياجات أي امرأة في البلاد.
"أم أحمد" أرملة حسب المواليد المسجلة على هويتها فهي الخامسة والثلاثين من العمر ... لكن تقاسيم وجهها تدل على إبحارها في الخمسين من العمر وأكثر....
توفي زوجها تاركاً لها طفلين ... الأول بات الآن في الخامسة عشر من العمر ويعمل عاملاً في إحدى محلات العصير بعد أن رحل عن مقاعد دراسته، فيما الثاني يعاني من إعاقة ذهنية .. بانتظار مد يد العون له لتأمين المكان المناسب لمثل حالته.
الدموع لم تفارقها طوال حديثي معها ... ضغط متواصل من الأهل والمجتمع على تحركاتها رغم تأكيدها بأن الأنوثة قد هجرتها لقسوة الظروف ومرارتها.. وتهم هنا .. وغمزات هناك عند ذهابها وإيابها .. وعند كل احتجاج لها .. يكون إسكاتها بجملة "أنت أرملة".
هذه الجملة كانت محط اعتراض جميع الحاضرين... لكونها تحولت في بعض أماكن مجتمعنا إلى مذلة أو إهانة تطوق عنق المرأة ومستقبلها.. وتحيط أيامها بجدار فاصل عن كل ما يجاورها.
"هدى" حضرت مع طفليها... طالبة من عدد من المختصين في قضايا المرأة تحديد هوية قضيتها... زوج هجرها منذ خمس سنوات، لاهثا خلف نزواته النسائية سالكاً طريق التعاطي والإدمان، مدمراً عائلةً بأكملها دون ذرة تفكير .. أو إحساس بمستقبل ما أنجبه من أطفال.
"ماذا أكون .. مطلقة أو أرملة" بدأت قائلةً: فأنا لم أرى وجهه منذ خمس سنوات لكون أوكار الدعارة ومخابئ الإدمان باتت مسكنه، أولادي يعتقدون انه ميت، فيما الحقيقة المرة أراها في عيون كل من يقابلني "فانا زوجة المدمن"، وإذا طلبت الطلاق سيف الأهل كفيل بأن يقطع رأسي لكونه مطلب الإمراة الفاجرة "بنظرهم"، فالمرأة الصالحة هي من تصبر على زوجها وتكون له المعين، ولكل رجل كبوة، والمرأة هي من تدفع الثمن ... والأولاد هم يحصدون نتائجه"كما تقول".


المطلقة والأرملة بين صفحات القانون:


السيدة "باسمة أنور عرابي" باحثة في مجال الأسرة وحقوق المرأة... رأت عدم الإنصاف في نظرة القانون للمرأة الأرملة والمطلقة، والقوانين لم تكن وحدها كفيلة في تحصيل الكثير من حقوقها، مطالبة بإعادة النظر في الكثير من القوانين التي مازلت دون تعديل منذ عام 1964م تاركة المرأة تعتمد على رأفة الزوج في حال كانت مطلقة أو تحت رحمة أهله في حال وفاته.
هذه القضية كانت محط تأييد من عدد كبير من المشاركين ... والمسؤولين الاجتماعيين الذين طالبوا بتعديل شامل لعدد كبير من القوانين الخاصة بالمرأة المطلقة والأرملة.
السيدة "لينا المعصراني مقصوصة" رئيسة لجنة بيت اليتيم كانت من المطالبين بهذه القضية بالذات لكونها على تماس من العديد من الحالات الاجتماعية، وعلى علم بمأساتها ... وعلى يقين أن القانون وحده يوقف تلك المشاكل العالقة.
هذه الفعالية كانت صدراً رحباً للعديد من أصحاب القضايا ... ونقطة انطلاق من قبل الجمعيات الثلاث ومن ساندهم في تفعيل حقوق المرأة ودليلا جديداً على المطالبة بحقوقها هذه المرة .. من المجتمع نفسه .. ومن تفكيره الذي أسرها بين قضبان عيونه التي لاترحم ... والسنة نسي بعضها الرحمة وخوف الله قبل إطلاق أحكامه عليها.


نشرت في مجلة الثرى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق