03 يونيو، 2009

خلي أكلك حلال.. وعمالتنا في الخليج



مالك أبو خير


من المعروف حالياً لدى الجميع حجم الجرعات الإعلامية الفاسدة التي بتنا نتناولها عبر عدد من فضائياتنا العربية، والتي تدرب القائمون عليها على كافة الطرق والوسائل لدس مختلف أنواع السموم ضمن جرعاتهم الإخبارية أو الدرامية أو حتى البرامج الحوارية، وبطريقة قد لا تخلوا في بعض الأحيان من الاستخفاف بفكر المشاهد وعقله.
هذا ليس بالجديد على أي أحد ... لكن الجديد هو استخدام أفكار جديدة أكثر قدرة للالتفاف على عقل المشاهد وإقناعه من سابقتها بصحة ما يقدمونه وبطريقة الوعظ الديني المرتبط بالسلوك الاجتماعي.
"خلي أكلك حلال" دعاية تبث حالياً وبكثرة على إحدى الفضائيات العربية، تعتبر نموذج جديد لهذه الجرعات التي تم الحديث عنها لكن بطريقة جديدة ... ولإغراض لن يتوقع أي مشاهد من هو الذي يقف ورائها أو من هو المستفيد الحقيقي، حيث أن معظم الأفكار التي تطرحها تقوم على ضرورة ان يكون الإنسان مخلصاً في أدائه لواجبه في العمل والمنزل، وبطريقة لا تخلوا من بث روح الخوف والشعور بالذنب للمشاهد في حال ارتكابه الأخطاء التي تتحدث عنها هذه الدعاية.
فمثلاً يظهر في إحدى هذه الدعايات رجل يتأخر عن الدوام وحين يصل يوقع على جدول الدوام في الموعد المخصص للوصول، فيما يقوم زميل أخر له بالتستر عليه وتجنيبه العقوبة لتكون نتيجة هذا التصرف ظهور كتل نارية صغيرة على وجهه ووجه أولاده وعلى طعامه وأمواله التي يقوم بالتقاطها من محفظته كدليل على أنها أصبحت "حرام" وغير مقبولة من "الله عز وجل وبالتالي سيكون مصيره ومصير من يأكلها دخول النار.
طريقة عرض هذه المادة الإعلانية وموسيقى الرعب المصاحبة لها، كفيلة لتكون من أهم الأسباب التي تمنع أي موظف على الإقدام على هكذا تصرف، وبالتالي مرجعة حساباته في حال كان يقدم على تصرف مماثل في مكان عمله.
لكن هنا لا بد من التطرق إلى بعض الأسئلة .... لماذا بدأت هذه الدعاية في هذا الوقت بالذات؟ ... ولماذا الموظفون والعاملون في القطاعات العامة والخاصة وتحديداً الخليجية هم أكثر المستهدفين فيها؟ ... وما صلة هذه الدعاية بالتقارير التي تتحدث عن سوء أوضاع العمل في الخليج وتهرب العديد من الموظفين من أداء مهامهم نتيجة للضغوط الكبيرة التي تفرضها الشركات الخليجية على العاملين لديها وتحديداً الوافدين الذين يشعرون بأنهم تحولوا لمجرد عبيد يعملون بظروف لا تمت إلى الإنسانية في التعامل لا من قريب ولا من بعيد.
ولماذا لا توجه هذه الكتل النارية إلى وجوه أصحاب الشركات وكبار المستثمرين الخليجين الذي يقبعون في غرفهم الفارهة فيما عمالهم يعانون الأمرين نتيجة لتصرفات لا أخلاقية تبدأ من ساعات العمل الطويلة وحرمان العديد من الموظفين من مستحقاتهم بعد طردهم بشكل تعسفي كما حدث مع العديد من المواطنين السوريين هناك.
لكن وعلى ما يبدو تم استثنائهم من هذه الجرعات الإعلامية، ويبدو أيضاً أن أنهم وراء إطلاق هذه الكتل النارية على وجوه موظفيهم لكن بطريقة اقناعية تساعد على ضبط كل التململ الذي يسود العاملين في دولهم النفطية.
" خلي أكلك حلال " ....... وبلا أي شك، بأن كل من يذهب إلى هناك تاركاً زوجته وأولاده ويعاني الاستغلال والعبودية لدي العديد من شركاتهم في سبيل تأمين لقمة العيش ستكون لقمته حلال، ولن تكون الكتل النارية من نصيبه، ولا من نصيب أولاده ...
ستكون من نصيب من يأكل هذه الكتل النارية الحارقة ... وهو على علم ويقين أكيد بحقيقتها.

نشرت على موقع حكاية سورية على الرابط:
http://www.syriastory.com/news_day.php?id=96

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق