14 يونيو، 2009

"لوحات بألوان طفولية" محاكاة للإبداع ... بجهود فردية




مالك أبو خير

في الظاهر هو مجرد معرض لمجموعة من الأطفال قاموا برسم لوحات ولونوها، لكنك عندما تتعمق به جيداً تكتشف بأن وراء أنامل الأطفال الصغيرة قلوب وعقول ترسم حاضراً وتتخيل مستقبلاً آخراً أكثر أمناً. لوحات... رسمت بعد جهد كبير من المشرفين والقائمين عليه بهدف تحريك عامل إبداع لجيل ما زال يحبو في طريق الحياة الطويلة، عبر طرح مفاهيم المشاركة والبحث وجعل ما يدور في مخيلة هؤلاء الأطفال يترجم بألوان على لوحات تعرض أمام الجميع.


المعرض أقيم بمدرسة " نور الفجر الابتدائية" بمدينة جرمانا شارك فيه 40 طالباً بمجموعة من اللوحات عبرت عن أكثر ما يثير اهتمامهم وطريقة رؤيتهم للواقع المحيط بهم بالإضافة إلى إنجاز عدد من المجلدات العلمية لخصت دراستهم لمنهاجهم الدراسي خلال العام.
" يارا " أحد الأطفال المشاركين في المعرض من خلال رزنامة تذكر بها من يشاهدها بمواعيد عودة الطيور إلى سوريا وعيد الكتاب التي تراه بات منسياً من قبل المجتمع حيث تقول:" وضعت في هذه الرزنامة أهم الأعياد التي أرى من الضروري الاحتفال بها بهدف عدم جعلها تمر مرور الكرام كعيد الكتاب والذي ألاحظ عدم وجود اهتمام حقيقي به من قبل المعنيين وهذا ينطبق أيضاً على عيد الشجرة التي أصبحنا بحاجة لها أكثر من الأول مع الانتشار الكبير للتلوث في أجوائنا".
"مروى أبو رسلان" وصديقتها "يانا "قازان" اختارتا المهرج وما يقوم به من حركات بهلوانية كعنوان للوحتهم لاعتقادهم بأهمية هذه الشخص في إضحاك الناس وبث السرور إلى قلوبهم، وكنوع من التقدير لهكذا نوع من الفن التي يبذل أصحابها جهداً كبيراً في سبيل إسعاد الآخرين.
في حين اختار "تمام" الطبيعة البحرية وما تحتويه من كائنات للوحته كتعبير منه على ضرورة المحافظة عليها أولاً والتأكيد على مدى التجانس والتنظيم الذي تعيش به ثانياً ومترجماً دراساته لمنهاجه الدراسي بمجلد علمي عن النباتات والأشجار وأهمية العلاجات التي يمكن الاستفادة منها، معتمداً على مراجع وكتب موجودة في المدرسة والمنزل"
محاكاة إبداع الطفل وفتح الطريق أمامه للتعبير عن أرائه عبر لوحات ورسوم يقوم هو بصنعها وترتيب ألوانها أهم الأهداف المراد تحقيقيها من هذا المعرض كما ترى السيدة " ندى قاروط" مديرة المدرسة والمشرفة على هذا المشروع حيث تقول:" تقصدنا ترك الأطفال هم من يختارون عنواين لوحاتهم ويقومون برسمها في المدرسة ودون أي مساعدة من احد، فضلا لاعتمادنا المبدأ الجماعي في هذه اللوحات من خلال مشاركة طفلين أو أكثر في لوحة واحدة بعد الاتفاق على عنوانٍ مشترك بينهم، الأمر الذي أدى برأيي لرفع روح المسؤولية بينهم ونضجَ رؤيتهم للأمور وللواقع المحيط بهم، وقد وسعنا نسبة هذا الاستثمار لأفكارهم من خلال دفعهم لإنجاز "مجلدات علمية" لخصوا بها ما قاموا بدراسته خلال العام عبر مناهجهم التعليمية وهذا من شأنه أن يزيد من نسبة استيعابهم لمناهجهم الدراسي وتقبله بشكل سلسل بعيد عن الطرح المباشر الذي تقصدنا الابتعاد عنه من خلال أخذهم لزيارة أماكن ومختبرات علمية رافعين نسبة التفاعلية بينهم وبين ما يقوموا بدراسته".
لغة الحوار والتشاركية في طرح الأفكار وتجسيدها على ارض الواقع أهم الأهداف التي تم تحقيقيها في هذا المعرض في نظر السيدة أمل زيات مدرسة الرسم والمشرفة على هذا المعرض حيث تقول:" حاولنا ننمي روح التعاون و الحوار بين الأطفال بحيث لم نجعل كل طفل يرسم لوحته على حدا، بل دفعنا كل مجموعة من الأطفال إلى اختيار عنوان موحد ورسمه بلوحة يشارك الجميع في رسمها وتنفيذها بشكل يخيل لك أن شخصاً واحداً من قام برسمها، فضلاً إلى طرحنا لعدد من المفاهيم الهامة بنظرنا وبطريقة غير مباشرة لعقل الطفل كالاستفادة من المواد التالفة والتي قد لا تكون لها أهمية في نظره بدلاً من رميها وبالتالي تغير نظرته للكثير من الأشياء المهملة لدبه وتحويلها إلى عناصر قيمة من الممكن إنجاز أعمال جميلة من خلالها".
تجربة من الضروري تعميمها على مدارسنا وعدم جعلها مجرد تجربة فردية، لكونها من الأساسيات الضرورية لتحريك عامل الإبداع لدى أطفالنا وتنمية حس المسؤولية بالنسبة إليهم، ودفعهم نحو سلوك طريق الحياة العملية منذ نعومة أظفارهم وبشكل بعيد عن الطرح النظري فقط كما يحدث في مدارسنا التعليمية التي اقتصر عملها على إلقاء المعلومة وطرحها مباشرة ودون أي محاكاة لتفكير هذا الطفل أو تقديم أي تنمية لقدراته.




نشرت على موقع الثرى:


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق