28 أغسطس، 2009

المرصد الوطني لرعاية الشباب ....هل هو مهيأ لتشخيص إصابات أنفلونزا الخنازير؟؟

مالك أبو خير


عند إعلان وزارة الصحة عن أول إصابة بمرض انفلونزا الخنازير في سورية، كانت ردود الفعل متباينة بين التصديق والتشكيك بأنها حقا الإصابة الأولى. ومع استمرار الإعلان عن اكتشاف المزيد من الحالات وتجاوزها عتبة العشرين حالة وما ترافق معه من خشية ارتفاع العدد إلى أكثر بذلك مع اقتراب موسم الشتاء الذي تزداد فيه قوة انتشار هذا المرض والأنواع الأخرى من الأنفلونزا يصبح التحرك من أجل اتخاذ إجراءات وقائية واحترازية أكثر ضرورة وسط استنفار عالمي لتطويق المرض والحد من انتشاره الذي قد يكون سريعاً في المناطق النائية والمكتظة.

وعلى ذلك اعتمدت وزارة الصحة في سورية عدداً من المراكز الصحية التابعة لها في المحافظات وحددت رقم هاتفي يتم الاتصال به في حال الشك بوجود المرض لدى احد المواطنين.
المرصد الوطني لرعاية الشباب كان احد المراكز التي تم اعتمادها من قبل الوزارة لفحص الحالات التي يشك بإصابتها بهذا المرض، حيث خصصت ضمنه غرفتين لاستقبال المرضى ولفحص الحالات التي يشك بأنها قد تكون مصابة، فالمرصد في الأساس خصص لمعالجة حالات الإدمان ويعاني من الكثير من المشاكل في مجال الطاقم الإداري والطبي من حيث عدم قدرة استيعاب كافة الحالات المحولة إليهم. مما يجعل من مهمة فحص المصابين بأنفلونزا الخنازير مهمة خطيرة وعبئاً يفوق قدرة المركز على تحمله وليس على المركز فحسب وإنما على الحالات المصابة أيضاً.

حالات دون وقاية أو متابعة:

مصادر خاصة من داخل المركز تحدثت عن وجود إهمال كبير في متابعة أو معالجة الحالات التي تأتي إلى المركز بطلب التأكد من خلوها من عدوى الأنفلونزا، والسبب هو عدم الجدية في التعاطي معها من قبل العاملين بالإضافة لعدم وجود نظام صحي عام يمنع من انتشار المرض واتساع رقعته بين المواطنين.
تؤكد السيدة التي فضلت عدم ذكر اسمها: النظام الصحي المتبع لدينا في غاية السوء وعملنا يقتصر عندما يأتي مواطن ما ويطلب فحص طبي لشكه بإصابته بالمرض بأخذ مسحة له فقط ومع أخذ رقم هاتفه وعنوانه، ولا نقوم بالاتصال به إلا عندما تكون المسحة " ايجابية " أي انه مصاب بالعدوى حيث نقوم بالاتصال به ونطلب منه مراجعتنا لتحويله نحو إحدى المراكز المختصة للعلاج، وهنا تكمن الخطورة لكونه ومن الواجب أن يتم عزل الشخص الذي يأتي إلينا لشكه بوجود هذا المرض ولا يتم تركه إلا عندما نتأكد من خلوه من هذا المرض، لا أن يتم اخذ المسحة ومن ثم الاتصال به عند التأكد من الإصابة لكون اليوم أو اليومين الفاصلين بين ظهور نتيجة المسحة كفيلة بنقل ونشر العدوى للكثيرين من حوله، ففي إحدى الأيام راجعتنا سيدة تقطن في إحدى المناطق النائية بريف دمشق وطلبت إجراء فحص لها نتيجة لتأزم حالتها وبعد يوم من أخذ المسحة اتصلنا بها نظراً لكون نتيجتها إيجابية وعند قدومها إلى المركز تبين أنها نقلت العدوى إلى زوجها وأطفالها الأربعة وزميلتها في العمل واثنين من أقاربها بالإضافة إلى جارتها، فلو أننا قمنا بالحجر عليها لحين التأكد من الإصابة لمنعنا العدوى من الانتشار إلى اغلب تلك الإصابات، فضلاً إلى أن القليل من المواطنين من يأتون للمراجعة في حال إصابتهم لخوفهم من تعرضهم للعزل وهناك من يعتقد أن إصابته بمثابة الفضيحة وخسران لمركزه الاجتماعي، وهنا تكمن مشكلة جهل اجتماعي اكبر لابد من العمل على تجاوزها والتخلص منها.

لا استعداد لموسم الشتاء:

من المعروف أن أجسادنا تتعرض خلال فصل الشتاء لحوالي 80 نوع من الأنفلونزا البعض منها قادر على رفع حرارة الجسم والتسبب بإعراض شبيه بأعراض أنفلونزا الخنازير وعند سؤالنا للمصدر عن إجراءات المركز أو وزارة الصحة لما سيحدث خلال موسم الشتاء يجيب: ( لاشي من الممكن حالياً أن تقوم به الوزارة تجاه ما سيحدث في فصل الشتاء رغم معرفتها تماماً أن هذا الوباء سيعاود نشاطه بشكل أقوى بكثير من فصل الصيف وسيكون انتشار وسرعة العدوى به أقوى بكثير وقد ترتفع نسب الإصابة إلى أعلى مما هي عليه الآن، وقد يستغرب البعض عندما أقول ذلك، لان الأمر مرمي بالكامل على " لطف الله عز وجل بنا" واللقاح الخاص بالمرض لا يعطى إلا عن طريق وزارة الصحة حصراً بحيث إذا أراد مواطن من الساحل السوري أو ريف حلب مثلاً أخذ هذا اللقاح فعليه تحمل عناء السفر إلى دمشق لأخذه بدلا من أن تقوم الوزارة بتعميمه على مركزها في المحافظات بل حتى العمل على توجيه المواطنين بضرورة أخذه خوفاً من انتشاره بشكل كبير خلال فترة الشتاء).

على ما يبدو أن الإهمال الذي ضرب اغلب مرافقنا الحكومية وكان مخفياً وغير واضح للعيان سيكون واضحاً خلال موسم الشتاء عندما يكون سبباً في زيادة عدد الإصابات بهذا الوباء الذي وضعت له العديد من دول العالم النامية منها والمتقدمة حلولاً وخططاً لمواجهته، في حين أننا ما زلنا ننتظر قدوم " رحمة إلهية " لشفاء من قد يصابون به والذين باتت أعدادهم في ازدياد مضطرد يخشى البعض أنه يفوق ما تصرح به وزارتنا العتيدة.

نشرت في مجلة الثرى الكترونية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق