10 يونيو، 2009

الانتحار بين شبابنا في ازدياد ... والصمت كالعادة سيد الموقف


مالك أبو خير


من الغريب جداً أن يمر أسبوع من دون أن تطرب أذاننا بخبر انتحار شاب شنقاً أو قيام فتاة برمي نفسها من إحدى شرفات مجتمعنا العربي عموماً والسوري خصوصاً، لدرجة أنها باتت من الأخبار شبه الرئيسية التي تنشر في إحدى الصحف الالكترونية والمطبوعة أو نسمعها في إحدى المحطات الإذاعية أو التلفزيونية.
موضوع بالغ الأهمية بالنسبة للأشخاص الذين يقرؤون جدياً المستقبل ويمتلكون قدرة التفسير المنطقي لما يحدث، لكن وللأسف يعتبر لدى القسم الأكبر من المجتمع وتحديداً من نعول عليهم دوماً ونوكل إليهم همومنا ومشاكلنا ... أمراً عادياً يحدث في كل مكان وبالتالي يمرون عند ذكره مرور الكرام، فحتى الآن لم يجرؤا أو لنقل لم يتشجع احد من هؤلاء "من الذين نعول عليهم بهمومنا ومشاكلنا" على عقد جلسة حوار أو نقاش يتجمعون بها مع أصحاب الرأي لمناقشة هكذا حالة نجدها بدأت تتفاقم ضمن مجتمعاتنا، وبطريقة تصاعدية تنذر بحدوث الأسوأ في القريب العاجل.
فإذا ما قمنا بإحصائية بسيطة لعدد المنتحرين الذين تحدثت عنهم الصحافة فقط، ودونما أن نذكر من كان انتحارهم صامتاً كقصصهم التي دفعتهم لذلك نجد أن عددهم في مجتمعنا السوري فقط قد تجاوز الخمسين شخصاً ومن كلا الجنسين، ومن الممكن لأي شخص إجراء بحث على محركات البحث عبر الانترنت للتأكد من صحة هذه الإحصائية، حيث نجد آن اغلب الأساليب اعتمد مبدأ الشنق في حيث اعتمدت حالة أو اثنتان الحرق الذبح عند الوريد.



سؤال لابد من إجابة:



في الماضي كان من أهم الانتحار لدى الشباب هو فقدان الحبيب أو التعرض لصدمة معينة تكون قوية وإعصارية بالنسبة إليهم، لكننا اليوم نجد أن السبب شبه الرئيسي لحالات الانتحار لدينا يقع ضمن عنوان اليأس أو الفشل في الحياة، وبعد فقدان الأمل منهم في تأمين مستقبل جيد لهم أو خوفهم من خسران حبيبتهم نتيجة لعدم قدرة البعض منهم عن تأمين دخل مناسب أو عمل يؤسس لمستقبل جيد بالنسبة إليهم.
وهنا لابد من طرح سؤال يوجه إلى الجميع بدأً من المسؤولين وأصحاب القرار لدينا ووصولاً إلى المحللين النفسيين والاجتماعيين واصغر مواطن عمراً وثقافة في هذا الوطن، ألا وهو أن هل بالفعل أصبح شبابنا في وضع اقتصادي خطير يمنعهم من الوصول لمستقبل آمن ولو 50% أم أن الانغلاق الاجتماعي الحاصل في طبقات مجتمعاتنا بات كفيلاً لبعض الفتيات للموت هرباً منه أم أننا بتنا "كجيل شباب صاعد" أقل قوة في تحمل الصدمات والعوائق التي تجابهنا ... سؤال برأيي لابد من الجميع الجلوس والتشاور لوضع إجابة تقنع الجميع، دون نسيان رأي سلطة الدين والتي تحولت في نظر البعض إلى مجرد سلطة لإلقاء الحكم والمواعظ وما سيحدث من حرق وتعذيب للمنتحر من قبل سلطتنا الإلهية متناسيين أمر الدعم النفسي والروحي والتثقيفي لهؤلاء الشباب المتعطشين لكلمة تروي ظمأهم وترشدهم نحو بر الأمان.



رأي أصحاب القضية:



لرؤية نظرة الشباب حول هذا الموضوع، اقتصرت في البحث عن حالات شباب اعرفها قد تدفعها ظروفها السيئة لإقدام على فعل الانتحار لأطرح على كل من التقيتهم سؤال واحد" هل تدفع ظروفك السيئة للانتحار أو فكرت في ذلك يوماُ".
" محمد.ي" خريج حقوق منذ أكثر من أربعة أعوام، يعمل كمستخدم في إحدى الشركات الخاصة، أجاب عن سؤالي بجملة واحدة:" خوفي من الله تعالى هو من يمنعني" مؤكداً أن العامل الديني كان من أهم الأسباب له ولغيره من أصدقائه من الإقدام على هكذا تصرف قاتل.
أما "ميساء .ع" التي تعاني من مرض بداء خبيث وفي ظل ظرف مادي صعب أكدت لي كرد عن سؤالي بأنها تتمنى في بعض الأحيان الموت بأي وسيلة للتخلص من الألم الذي تشعر به، لكنها عندما تستطع من أن تتمالك نفسها تسلمه أمرها لله تعالى راضيةً بقدرها ونصيبها، رافضة فكرة الانتحار جملة وتفصيلاً، حيث ترى أن قرار الموت والحياة هو بيد الله تعالى فقط.
في حين يجد " أسامة. س" عاطل عن العمل منذ فترة ولديه ثلاثة أولاد ويعاني من وضع مادي سيء، بأنه وتحديداً عندما يعجز عن تأمين مصرف منزله وأسرته تترد في مخيلته فكرة الانتحار لكن ما يمنعه من التخلص من هذه الحياة القاسية "كما يقول" هو ما سيؤول إليه حال أولاده وزوجته.
أما "سلمى " فقد تؤكد أن خوفها على سمعة إخوتها الفتيات هو ما يمنعها فقط من الإقدام على فكرة الانتحار، هرباً من سلطة ذكورية لديها تمنعها من رؤية الشمس وشم نسيم الهواء بحرية "كما تقول" وتحسب عليها كل خطوة من خطواتها وبطريقة قاسية تطاق.



يبقى السؤال مفتوحاً:



في النهاية لا يمكننا القول سوى أن هذه الظاهرة باتت في أزياد وبشكل لا يمكن لعين الرقيب إغفالها أو البقاء في موقف المتفرج، وعين الرقيب من المؤكد أنني اقصد بها أصحاب القرار لدينا بدأ من المسؤولين ورجال الدين والمختصين النفسيين والاجتماعيين لكونهم جميعاً هم في النهاية هم القادرين على الإجابة عن السؤال المطروح سابقاً وهم الوحيدين أيضاً القادرين على الإجابة عليه ووضع حل يوقف حمام الدم الذي نشاهد على شاشاتنا وصحفنا بين الحين والآخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق