11 يونيو، 2009

مزاجيات الإعلام السوري الخاص ... بالعامية


مالك أبو خير


بالعامية ... كما قالها لي احد المدراء المحترمين لإحدى الوسائل الإعلامية التي تعتبر نفسها مرموقة في هذا البلد:" حبيبي هاد إلي مفكر حالك عم تشتغل فيه (مــو صحافة) هاد سوق هال بس الموجودين فيه لابسين بدلات" ... كلمات بالفعل أذهلتني ودفعتني لصمت لم اخرج منه إلا بعد يومين من التفكير والبحث في خلفية هذه الكلمات...

القصة تختصر في كوني أنني قدمت لهذا المدير" الفلــتة" موضوعاً عن قضية اجتماعية هامة تتحدث بعمق كبير عن حالة واقعية خطرة تزداد نسبة ارتفاعها في الآونة الأخيرة، وطبعاً هذه المادة قدمتها بعد توجيهات منه وتعليمات تقضي بتقديم مواضيع لها تأثير كبير على القارئ و حياته اليومية.

وطبعاً ما قاله بالعامية لم تكن الوحيدة فبعد أن سألته عن سبب حديثه معي بهذه الطريقة التي هي بالفعل اقرب إلى لهجة جماعة " سوق الهال " والذين نكن لهم كل الاحترام والتقدير في إطعام المواطن وإشباعه ... أجابني بكل هدوء "يحسد عليه": حبيبي انا اكره ما علي حدا يبيض علي حكي فاضي ...
لأنو اكبر إعلامي انت شايفوا بها لبلد طالع من تحت "...".

عدت وسألته مرة أخرى:" أستاذي المحترم المبجل، هل لك ان تقدم لي ما هو الاعلام الحقيقي الذي انت علمته لهؤلاء الإعلاميين وما هي المادة التي تريدها مني".

عاد واجابني بهدوء "يحسد عليه أيضاً": القارئ بشكل عام رؤيته للأمور ضعيفة ان لم أقل سطحية لذا بدلا من التعمق بالأمور يمكننا أن نأخذها بشكل سطحي يقارب تفكيره واستيعابه ...!".

كلمات ... بالفعل جعلتني أقف له باحترام كمعلم لن انسى كلماته أبدأً ... لكونه المكتشف الحقيقي لمقدرات القارئ والمشاهد العربي والسوري السطحية ... وجعلتني انحني امام هكذا عبقرية لحين خروجي من مكتبه الطويل العقيم كتفكيره".

موقف يدفعني أنا والكثير من زملائي الإعلاميين، وتحديداً الجدد الذين مازالوا يشقون طريقهم في دروب الإعلام الشائك والعقيم ضمن هكذا مؤسسات تعتبر نفسها رائدة وعالية المستوى ... سوى ان نثير سؤال نتمنى الاجابة عليه من قبل اصحاب القرار والفكر وذوي العقول التي ليست سطحية ...

ما ذنبنا نحن من كل ما يحصل ... وهل كتب الله علينا وجود هكذا شخصيات تحكمنا وتكون القائم والمشرف على اعمالنا .. وما هو مصيرنا في المستقبل ... ان نصبح نسخ طبق الاصل عنهم ... أو نختار كغيرنا طريق مطار دمشق الدولي دون عودة...

مأساة حقيقة ... وواقع مرير يتحكم بكل لحظة من لحظاتنا، بدأً من التعامل مع عقول "يابسة" لا تفهم من بديهيات الاعلام شيئاً، وبالتالي العمل ضمن خصوصياتها وحدود تفكيرها الذي لا يتعدى الوسائل الحكومية التي انطلقوا منها، وصولاً الى بقائنا كالاسرى بين قضبان وسائلهم التي رسموها بعناية وبطريقة محبوكة ليسهل عليهم التحكم بلقمة عيشنا وكلمتنا وتسيرها كما يشاءون ويخططون، ودون نسيان إبقاء الموظفين دون عقود تضمن حقوقهم وكرامتهم ....

الكثير والكثير من الأسئلة التي من الممكن توجيهها ... والمئات من القصص التي يحدثك عنها الإعلاميون الجدد في وسائل الاعلام السوري الخاص ( واستثني منه وسيلة أو أثنتين فقط) من ظلم وقهر وتحكم بلقمة العيش والبقاء على حياة العيش على الأعصاب في سبيل قبض الراتب الشهري الذي يأتي على حساب أشياء كثيرة .... أهمها فكرهم ونتاجهم الحقيقي الذي يذهب إدراج أحلامهم المنسية ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق