23 يونيو، 2009

زوبعة مشروع قانون الأحوال الشخصية وصلت لوصفه بمشروع للفتنة.. بامتياز


مالك أبو خير




منذ اللحظات الأولى التي تم الإعلان عنها عن "مشروع قانون الأحوال الشخصية في سوريا " والذي قامت بتشكيله لجنة تم تعيين أعضائها بقرار من رئاسة مجلس الوزراء السورية رقم /2437/ تاريخ 7/6/2007، انطلقت مباشرة حملة صحفية قادها عدد من الإعلاميين والحقوقيين السوريين تندد بهذا القانون موجهةً إليه الكثير من الاتهامات التي تؤكد من وجهة نظرهم وجود إجحاف كبير لحقوق الأقليات وتساهم في قمع الحريات الشخصية و ترسيخ التفرقة الطائفية وتجاهل حقوق المرأة، فضلاً عدم قدرته على مجاراة الواقع الاجتماعي السوري.

الحملة التي شنها الحقوقيين والإعلاميين السوريين عبر عدد من المواقع الكترونية والصحف الخاصة أثارت زوبعة من الردود بين مختلف الأوساط الاجتماعية، فالعديد من المواد الصحفية انتقدتها ووصفتها بالكثير من التشبيهات القاسية، ولدرجة رأى البعض أن بنوده تعود إلى العصور الوسطى، وأكثر بنوده انتقاداً كانت المادة الثالثة عشر، والتي تقول (أنه عند اختلاف طائفة الزوجين تكون المحكمة الروحية المختصة بالنزاع المتعلق بالحقوق المبينة في المادة السابقة هي محكمة الطائفة التي ينتمي إليها الزوج)، الأمر الذي اعتبروه خارج عن القانون الدولي ومناقض للدستور السوري، ويمثل نوعاً من التحريض على النزعات الطائفية والذكورية على حد سواء.

فيما رآه البعض مجرد امتداد لمسلسل باب الحارة من خلال اعتماده صورة المرأة في هذا المسلسل كأساس في وضع بنوده والتي كانت برأيهم تشجع لهذه الصورة، فيما البعض الآخر وجد أنها تحمل في طياته وبنوده تجاهلاً كبيراً لحقوق المرأة يصل إلى حد الإجحاف بأبسط حقوقها، ووصل إلى حد تشبيه البعض له بأنه عبارة عن مجموعة قوانين لازالت تستبيح المرأة السورية لتكون سلعة تارة.. وجارية تارة أخرى.. وليس سوى مجرد مشروع يكتسي بحلة التخلف وهو عبارة عن نتاج لفردية مشاريعهم التي تحاك خيوطها بعيداً عن أفراد المجتمع.


قانون للفتنة الطائفية:

السيدة "كندة شماط" دكتورة بكلية الحقوق بدمشق، أحد القانونيين السوريين المنتقدين للقانون الجديد وفي تصريح لـ"حكاية سورية" أكدت أن هذا القانون هو " قانون للفتنة الطائفية " بامتياز لكون أغلب البنود التي يحتويها تسهم بشكل فعال في خلق شرخ طائفي ومذهبي في المجتمع.

حيث تقول: ( لقد حرص أغلب القائمين على صناعة هذا القانون على وضع بنوده بسرية تامة، ودونما أي اطلاع من قبل جهات مدنية أو حقوقية، وسعوا إلى تمريره لمجلس الشعب مباشرة للمصادقة عليه وبالتالي وضع الجميع تحت سياسة الأمر الواقع، وكأنهم في ذلك يوجهون رسالة إلى الآخرين مفادها "نحن فقط الذين نفهم والباقي لا علاقة له" ودونما أي احترام لحقوق الأقليات والطوائف الدينية الموجودة في سوريا دون نسيان التدخل بشؤونهم وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية التي تعود إلى ما قبل 1400 سنة عليهم.


تطبيق لقوانين الشريعة الإسلامية على المجتمع المسيحي:

وتتابع شماط قائلة:( الخطير في بنود هذا القانون هو التدخل الغير المنطقي من قبل الشريعة الإسلامية في شؤون الديانة المسيحية والطوائف والأقليات المتواجدة في سوريا عبر البنود المطروحة ضمنه، فإذا ما دققت جيداً وتحديداً في من المادة 618 وحتى آخر القانون، تجد أن جميع البنود التي طرحها القانون يوصي بإلزام تطبيقها على جميع شرائح المجتمع السوري وأديانه وطوائفه دون استثناء متناسين أن القوانين التي وضعتها الشريعة الإسلامية كتعدد الزوجات والطلاق لا تنطبق على الديانة المسيحية، فالاختلاف في هذا البلد هو من المفترض أنه اختلاف فكري وثقافي تكون نتيجته تفاعل يؤدي إلى تطور في أسلوب حياة الأفراد وتقدمهم، ولكن على ما يبدو هناك أشخاص يسعون إلى تحويل هذا الاختلاف إلى خلاف يعم جميع أطياف المجتمع مؤدياً إلى فتنة مذهبية خطيرة).


القانون بين هجوم الإعلام الخاص وصمت الإعلام الرسمي:

لم يقتصر هذا الهجوم على المواقع المناصرة لحقوق المرأة والطفل فقط بل امتد إلى حملة تم إطلاقها على الفيس بوك لمجموعة من الشباب السوري تحت عنوان "حملة بدنا نمشي لقدام ..مو نرجع لورا"، وتحت عنواين مختلفة كان أهمها منع قمع الحريات الشخصية أو التفرقة الطائفية واستغلال المرأة والطفل، حيث وصل نسبة المشتركين بهذا الحملة المئات من الشباب السوريين يضاف إليهم عدد من المناصرين لهذه الحملة من دول أخرى.

ومن أهم الوسائل التي قادت هذه الحملة كانت مجلتي الثرى ونساء سورية الإلكترونيتين ومواقع مختصة في القضايا القانونية، وصحيفة بلدنا بالإضافة إلى إذاعة شام إف ام والتي خصصت له جلسة نقاش ولمدة ساعة كاملة على الهواء ناقشت بنوده مع عدد من المختصين.

الإعلام الرسمي لم يلحظ له أي هجوم على بنود القانون بنفس القسوة التي تناولها الإعلام الخاص، لكنه انتقد وبحذر ملحوظ بنوده وطالبت بعض المقالات الصحفية إعادة النظر به من جديد، في حين توقع البعض خروج التلفزيون السوري عن صمته من هذه القضية ضمن برنامج "بلا رتوش" الذي أعلن مناقشته لقضايا العنف ضد المرأة ونظرة قانون الأحوال الشخصية المعمول به حالياً لهذه القضية، وقبل بدء الحلقة توقع المشاركون في هذه الحلقة أن يتم الحديث عن القانون القديم وانتقاد بعض النقاط في مشروع القانون الجديد، لكن ووفقاً (لمصادرنا في التلفزيون السوري) فقد تم الطلب من معد الحلقة "عقبة الناعم" عدم التطرق لهذا الموضوع الأمر الذي اضطر الضيوف للحديث عنه بشكل غير مباشر، مع وعود بتسجيل ساعة كاملة حول هذا القانون في برنامج " خط أحمر" والذي سيتم تسجيلها اليوم الساعة 5.30 في استوديوهات التلفزيون السوري، وبمشاركة د/توفيق البوطي أحد مناصري هذا القانون، وكل من عبد السلام راجح عضو مجلس الشعب والأب أنطوان مصلح وبسام القاضي أحد أهم المعارضين له.

ومن الجدير ذكره أن أسماء الأشخاص الذين وضعوا هذا القانون لا تزال غير معروفة، ولم يتم الكشف سوى عن اسم واحد منهم وهو الدكتور حسان عوض.


نشرت في موقع حكاية سورية:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق