07 أغسطس، 2009

حكاية مرض ... ورحلة بين المشافي دون علاج




مالك أبو خير
إضافة صورة



كثيرة هي الأمراض التي باتت تعيش ضمن أجوائنا وأجسادنا، منها ما يكون مرورها مرور الكرام، ومنها ما يكون وجودها سبباً في تغيير حياة أشخاص وفي بعض الأحيان سبباً في نهايتهم، ومرض السل من أكثر الأمراض انتشاراً ضمن مجمعاتنا العربية، وتحديداً في المناطق التي تنعدم بها النظافة وسبل الحماية من الأوبئة والأمراض، ومن الطبيعي أن تقوم الجهات المختصة بعلاج المصابين بهذا المرض، بالإضافة إلى تطبيق نوع من الحجر الصحي عليهم لكونه من السهل جداً انتقاله عبر الكثير من الوسائل أهمها التنفس.
وهذا يعتبر التصرف الصحيح الذي يجب تطبيقه من قبل الجهات المختصة في علاج هذه الأمراض بدءاً من وزارة الصحة وصولاً إلى المراكز الصحية التابعة لها، لكن ما يحدث على ارض الواقع نجده مختلف تماماً لما يجب تطبيقه، بل نجده يأخذ مناحي أخرى تعتبر خطرة على أرواح المرضى والأشخاص المحيطين بهم.
"وليد فياض" أحد المصابين بهذا المرض أثناء عمله في إحدى ورشات تصنيع الأحذية بمدينة حلب، الأمر الذي اضطره لترك عمله والتوجه نحو المركز الصحي المختص بعلاج مرضى السل بالمدينة، ليدخل فترة من العلاج استمرت حوالي الستة أشهر متواصلة تراجعت بها حالته الصحية بدلاً من أن تتحسن، لكون طرق العلاج وأساليبه المستخدمة من قبل هذا المركز تضاعف من حجم الإصابة أكثر مما تحسنها " على حد قوله"، ووصلت حالته الصحية لمرحلة حرجة اضطرت المركز لتحويله إلى مشفى ابن النفيس بدمشق، وذلك تحت حجة انه لم يستجيب للمرحلة الأولى من العلاج ويجب عليه الانتقال إلى المرحلة الثانية والتي لا تتوفر لديهم وينحصر علاجها في المشفى المذكور حصراً.
وعن فترة العلاج الثانية يقول " فياض": ( في الفترة التي بدأت العلاج الثاني، كانت الكوادر الطبية في مشفى ابن النفيس قد أنهت مرحلة التدريب على هذه المرحلة لكونه برنامج حديث تم استيراده من الخارج عبر منظمة الصحة العالمية ولم يكن القائمون عليه على علم كافي بتطبيقه، الأمر الذي جعلنا نبدو وكأننا فئران تجارب، حيث استخدام مجموعة من الأدوية علينا ومن دون أي خبرة في استخدامها اذكر منها " كابرويسيس – سيكلوسيرين ... وغيرها " والتي قد تسبب نوع من المضاعفات الخطرة بحق المرضى كما حدث معي ومع العديد من زملائي، حيث بدأت تظهر لدينا العديد من المضاعفات كالضيق الشديد في التنفس و ضعف في الجملة العصبية و مشاكل في الكبد و الكلية وضعف في السمع و مشاكل في القلب وغيرها من المضاعفات التي لا تعد ولا تحصى.
وعندما واجهنا المسؤولين عن العلاج، أكدوا لنا عدم قدرتهم على معالجة هذه المضاعفات، واعتبروها طبيعية ونتيجة منطقية لتفاعل الأدوية مع الجسم، وطلبوا منا التوجه إلى مشفى الحارث بحمص لكونه المشفى الوحيد حالياً في سورية المسؤول عن علاج الحالات المتطورة من هذا المرض.

علاج دون حجر صحي:



ويتابع " فياض " عن فترة علاجه في المشفى قائلاً: ( اغلب المعالجين في مشفى الحارث بحمص يتم معالجتهم دون تطبيق أي نوع من الحجر الصحي عليهم، فضلاً لكون المشفى يعالج العديد من الأمراض في آن واحد، فالمشفى بالإضافة إلى معالجته لمرضى السل يعالج مرضى الأمراض النفسية والعقلية ومعالجة الإدمان ومرضى السرطان و مرضى العيون ومرض السحايا والمصابين بالايدز، كما يستقبل الإسعافات الخارجية وبشكل لا يتم عزل أي نوع من الإصابات عن بعضها البعض، فنحن كمرضى سل نقطن في الطابق الأخير من المشفى، ونتحرك بحرية في كافة الطوابق الأخرى ونلتقي مع باقي الأقسام الأخرى وأحيانا دون كمامات الأمر الذي يمكننا من نشر الإصابة إلى الآخرين.
وعند مطالبتنا بما نحتاجه من أدوية وتجهيزات يجاوبنا القائمون عن المشفى بعدم قدرتهم على تلبيتها لكون المشفى في طور الإعداد والتأسيس ولا تتوفر فيه حالياً كافة المستلزمات المطلوبة للعلاج، الأمر الذي زاد من نسبة الأعراض الجانبية لدي وتفاقمها ليتم على أثرها إسعافي من حمص إلى مشفى المواساة بدمشق ليستقبلني مدة أربعة أيام فقط لا غير طالباً مني الرحيل والعودة إلى المشفى تحسباً من نقل العدوى لباقي المرضى في المشفى.

مضاعفات ... ووفيات:



المضاعفات التي سببتها الأدوية التي تم أخذها من قبل المصابين سببت العديد من حالات الوفيات بين صفوفهم فضلاً إلى تصريحات من بعض المتواجدين بمشفى الحارث أكدت وجود إهمال وعدم تعاون من قبل الطاقم الطبي المتوفر، بالتزامن مع نقص الإمكانيات والمعدات المطلوبة للعلاج، ومن أسماء الوفيات التي وردت لنا " محمد رحيم من حلب – عبد الفتاح من الرقة – وداد من محافظة حلب ".
وختاماً لا يمكننا نقد الإهمال والاستهتار فقط، لكونهما واضحين وضوح العلن وأمام أعين الجميع وبصمت كبير، لكننا نوجه كما وجه اغلب المرضى في المشفى المذكور بضرورة التدخل السريع لحل الأزمة الصحية التي تحدث لمرضى السل داخل المشفى وخارجه مع وضع حل منطقي وحقيقي لهم.

نشرت في موقع حكاية سورية على الرابط:


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق